ما تدخله النيابة، ومنها مالا تدخله النيابة، ودخول النيابة في العبادة وعدمه هو على حسب خفة العبادة في نفسها وعدمها، فإن العبادات المالية والمركبة منها ومن البدنية يسوغ فيها من النيابة ما لا يسوغ في العبادات البدنية المحضة، فالصلاة لكونها عبادة بدنية محضة لا تدخلها النيابة بحال. أما الصيام فجوزها أحمد في صوم النذر خاصة لخفته لكونه لم يكن واجباً في أصل الشرع، ومنعها فيما عداه.
وجوزه آخرون، وقول أ؛ مد: أقعد. والزكاة تدخلها النيابة فيجوز لزيد أن يؤدي من ماله زكاة مال عمرو بإذنه، فيكون كالوكيل له، كما يجوز لزيد أن يستنيب خالداً في تفرقة زكاته، والحج عبادة مركبة من مال وبدن فتدخله النيابة في رمي الجمار، وليس ذلك التضييق في شيء.
قوله: ورمي الجمال ليس من الشروط ولا من الأركان، وإنما غاية ما يقال فيه: إنه واجب من الواجبات يؤمر به مع القدرة وليس في تركه مع العجز دم، لأن الدم إنما يكون في ترك المأمور وفعل المحظور بالاختيار، وهذا لم يترك مأموراً بالاختيار ولا فعل محظوراً، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر العباس أن يستنيب في الرمي، ولا أن يجبره بدم، على أن مبيته مستلزم لترك الرمي، إذ لم ينقل عنه أنه رجع إلى منى بالنهار لقصد رمي الجمار، ومثله رعاة الإبل، فإنه لم يأمرهم باستنابة من يبيت مكانهم لأنه ممكن.
يقال: قول هذا الرجل: غاية ما فيه ـ يعني الرمي ـ أنه واجب.
هذه شنشنة أعرفها من أخزم، وتقدم في كلامه ما يبدو منه عدم اعتقاده وجوب الرمي، وبينا هنالك بطلانه.