الرخصة لأهل السقاية، وقياس أهل العلم أرباب الأعذار المنصوصة في كلامهم على أهل السقاية شيء معلوم معروف.
واستدلال هذا الرجل بقصة العباس على عدم وجوب الرمي باطل، فإن أكثر ما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره أن يعود إلى منى لرمي الجمار. ومن المعلوم أن العباس أعلم من هذا الرجل وأضرابه بأحكام الحج، وهو لم يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في ترك المبيت فقط، أفيكون استئذانه في ترك الرمي وهما واجبان متغايران؟!
لا يقول هذا إلا من هو من أجهل الناس بالأحكام، ودلالة الكلام، ومن المعلوم أنه يمكن العباس الرجوع إلى منى لرمي الجمار بدون أي مشقة، وإذا كان وجوب رمي الجمار عليه متحققاً ـ كتحقق وجوبه على غيره ـ فإنه لا يسقط عنه ذلك الواجب المتحقق الوجوب إلا برخصة متحققة، ولا رخصة هنا في ترك الجمار متحققة ولا مزعومة إلا عند هذا الرجل، وهذا الرجل لا يدري أي المشروعين آكد: المبيت بمنى لياليه؟! أم رمي الجمرات نهاره؟! فالمبيت بمنى إنما شرع بل وجب من أجل رمي الجمار.
وأذكر هاهنا بعض أدلة وجوب رمي الجمار: فمنها قوله عز وجل: {واذكروا الله في أيام معدودات} (?) فإن هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، ومنها فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله: " خذوا عني مناسككم" ومنها رخصة النبي صلى الله عليه وسلم للرعاة في تأخير بعض الجمرات، فإن الرخصة لهم تفيد وجوب