قوله: ونقل في " التحفة " عن الرافعي ـ أحد شيخي مذهب الشافعي ـ الجزم بجوازه، قال: وحققه الأسنوي، وزعم أنه المعروف مذهباً، ورخص الحنفية في الرمي يوم النفر لمتعجل قبل الزوال مطلقاً، وهي رواية عن الإمام أحمد ساقها في " الفروع" بصيغة الجزم بقوله: ويجوز رمي متعجل قبل الزوال.
يقال: إن صح هذا النقل عن الرافعي وتحقيقه عن الأسنوي فإن سبيله سبيل ما قبله من عدم الصلاحية أن تعارض به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل لا يصح أن يعارض به مذهب أمامهما، فضلاً عن أن تعارض به السنة، وهو مردود بقول الشافعي: إذا خالف قولي قول النبي صلى الله عليه وسلم فاضربوا بقولي الحائط.
قوله: فقد علم مما تقدم من هذه الأقوال أن للاجتهاد في مثل هذه القضية مجال، وأن من العلم-+اء من قال بجواز الرمي مطلقاً قبل الزوال ومنهم من جوزه لحاجة الاستعجال.
يقال: (أولاً) غاية ما علم مما لفقه هذا الرجل هاهنا وجود جنس الخلاف في تجويزه مطلقاً، أو بشرط، وأنه روى عن بعض المانعين منه قول آخر بالجواز.
ويقال: (ثانياً) ليس كل خلاف يعول عليه، إنما يعول على خلاف له حظ من الاستدلال، وما أحسن ما قيل:
وليس كل خلاف جاء معتبراً ... إلا خلاف له حظ من النظر
وهذا الخلاف الذي ذكره هذا الرجل لا حظ له من النظر مطلقاً كما عرف ذلك مما تقدم ولا يعد مثل هذا الخلاف من العلم