لا يؤذي به المزاحم أحداً من الحجاج لأجل الوصول إلى أداء ما أوجب الله عليه من هذا النسك على وجهه الشرعي فهذا غير مذموم، لا في رمي الجمرات، ولا في المواضع الأخر مما يتصور فيه الزحام كالطواف والسعي، بل هو من المأمور به شرعاً، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
قوله: وصار الناس لا يذهبون إليه ألا وهم متذمرون للمحاربة وقصد المغالبة، يمد بعضهم بعضاً، ويؤيد بعضهم بعضاً.
يقال: هذا من المجازفة الظاهرة. ولو قال: وصار بعض الناس لكان أقرب إلى الصدق.
قوله: وصار من الصعب الوصول إليها وتحقق وقوع الجمار فيها. وإن أراد الصعوبة التي تحتمل ـ فهو نظير ما في الجهاد في سبيل الله من الصعوبة التي تحتمل ـ فهو نظير ما في الجهاد في سبيل الله من الصعوبة، وما في صيام رمضان في شدة الصيف من الجوع والعطش الذي جنسه يحتمل ولا يرخص بسبب حصوله في الإفطار والمصير إلى القضاء، وفي مزاولة هذه الصعوبة والصبر على ما يناله من المكاره من الأجر مالا يعلمه إلا الله. وفي ضمن هذا الكلام من التمهيد لما سيصرح به بعد من سقوط وجوب الرمي مطلقاً من أجل الزحام مالا يخفى.
قوله: وكان لهذا الأمر الذي حقق الخطر، ووسع دائرة الضرر، عوامل عديدة ساعدة عليه: منها فتح مشارق الأرض ومغاربها بالآلات الحديثة من كل ما سهل السفر وقصر المسافة، حتى صارت الدنيا كلها كمدينة واحدة، وكأن بلدانها على بعدها بيوت متقاربة. إلى آخر كلامه الطويل، حوالي هذا التدليل والتعليل.