فمن الحجاج من يصبر ويحتسب ويتحمل ما يجده من المتاعب والآلام والمضايقات، وقد يتلذذ به ويطمئن له، لكون ذلك إنما ناله في سبيل الوصول إلى طاعة ربه الذي أمره بالحج إلى بيته، لينال رضا الله ومغفرته وجنته، فيهون عليه ما يعترض له في طريقه من أشواك، وما يلقاه من نصب ومشقة.
ومن الحجاج من يتأثر ويتضايق مما يصيبه من الآلام والمتاعب والمشقة، ويظهر عليه الجزع وقلة الصبر، وذلك ناشئ من ضعف الإيمان، فإنه لو قوي إيمانه بالله وبما أعده الله للحجاج الصابرين المحتسبين من الأجر والثواب لهان عليه كل ما يجده في هذا السبيل.
ومن الحجاج من ليس منهم على الحقيقة، ولا إرب له في الحج إلا الانتقاد على تشريع الله وعلى الطرق الحكيمة التي أمر الله أن تؤدى عليها هذه العبادات، ويحاول تغييرها والاجتهاد فيها بحسب ما يملي عليه هواه وشيطانه، ويريد أن يجعل من الدين نفسه وسيلة إلى تنفيذ مقاصده وأهدافه وغاياته واجتهاداته الخاطئة، فيتكلم مثلاً في مشروعية الذبح ويقلل من أهميتها، ويريد أن يبذل الحجاج بدل هذه الذبائح التي شرع الله ذبحها عبادة له وتعظيماً، وأن يطعم منها القانع والمعتر، يريد بمجرد رأيه وهواه أن يدفع الحجاج بدلها نقوداً تبذل للفقراء وفي المشاريع الاصلاحية على حد تعبيره، وهذا شأنه في كثير من التشريع الإسلامي، يحاول تشريعاً جديداً، وعملاً لم يأذن به الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد سمعنا شيئاً من ذلك عن كثير من الناس.
والدين الإسلامي جاء بالخير والصلاح الدنيوي والأخروي، وهو صالح لكل زمان ومكان، ومتى تمسك الناس به واهتدوا بهديه وحكموه