فأجاب رحمه الله تعالى: أما السؤال الأول وهو إذا شك الإنسان هل نذر أم لا فليس عليه شيء لأن الأصل براءة الذمة ولا وجوب مع الشك فعلى هذا لا يهمه شيء إطلاقاً وأما السؤال الثاني إذا نذر أن يذبح كبشاً لنجاحه أو نحوه من المطلوبات التي يطلبها ونذر فإننا نسأله هل تريد بهذا النذر إظهار الفرح والسرور ودعوة الأخوان والانبساط إليهم فإنه يجوز لك أن تذبح هذا الكبش وتدعو إليه من شيءت من جيرانك وأقاربك ومعارفك وإن شيءت كفر عن هذا النذر كفارة يمين ولا تذبح الكبش لأن هذا العمل ليس من أمور الطاعة بل هو من الأمور المباحة والنذر المباح يخير فيه الإنسان بين أن يفعل ما نذر وبين أن يكفر كفارة يمين أما إذا كان نذرك هذا الكبش من أجل النجاح ونحوه من مطلوباتك تريد به الشكر لله على نعمته فإنه حينئذٍ يكون عبادة يجب الوفاء به لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه) وعلى هذا يجب عليك أن تذبحه وأن تتصدق به على الفقراء ولا تدخر لنفسك منه شيئاً لأنه كان لله وما كان لله فإنه يصرف في الفقراء والمساكين ولكن تبييناً لهذا السؤال أنا أحذرك أيها الأخ وغيرك من المسلمين أحذركم من النذر لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عنه وقال إنه لا يأتي بخيرٍ وإنما يستخرج به من البخيل) والنذر في الحقيقة إلزام الإنسان نفسه بأمرٍ لم يلزمه الله به وربما ينذر لله تعالى نذراً معلقاً على حصول شيء محبوبٌ إليه فيحصل هذا الشيء ثم يتكاسل عن الوفاء بالنذر أو يتهاون به ولا يقوم به ثم يخشى عليه مما ذكر الله تعالى في عقوبة الذين لم يفوا بنذورهم في قوله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) ثم إن النذر ليس هو الذي يأتي بالمطلوب أبداً فإن الذي يأتي بالمطلوب هو الله عز وجل فالإنسان يسأل الله تعالى أن ييسر له هذا الأمر الذي يحب بدون أن ينذر فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام كما أسلفنا (إنه لا يأتي بخيرٍ) لهذا أحذر إخواني المستمعين من النذر والله الموفق.
***