بارك الله فيكم يقول السائل مرض أحد الناس مرضاً شديداً فنذر نذراً إن شفاه الله أن يذبح كل عام ذبيحة وبالفعل شفاه الله ونفذ النذر عدة أعوام ثم جاء في العام الماضي وأخر الذبيحة لفرح أحد أولاده فذبحها يوم الفرح والسؤال ما حكم هذا النذر نذر العمر مثل هذا النذر وأيضاً أسأل وأقول كذلك ما حكم تأخير الذبيحة عن موعدها شهراً حتى زواج أحد الأولاد وهل تنفع الذبيحة في الفرح وهل تعتبر قائمة مقام الوليمة فهل تجزئ الذبيحة عن النذر أفتونا مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً أقول لهذا السائل ولغيره ممن يستمع إلى كلامنا إن النذر مكروه فيكره للإنسان أن ينذر شيئاً سواء كان معلقاً بشيء آخر أم غير معلق ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير) فليس النذر هو الذي يأتي بالخير وليس النذر هو السبب في شفاء المريض وليس النذر هو السبب لوجود الغائب وما أشبه ذلك بل هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يأتي بخير إنما يستخرج به من البخيل) ثم إن الناذر يلزم نفسه شيئاً هو في غنى عنه قد أحله الله منه فيأتي المسكين ويلزم نفسه بشيء ربما يكون اليوم يستطيعه وغداً لا يستطيعه ويبقى في حرج ثم إن النذر على الشيء قد يوجد في القلب عقيدةً غير صحيحة وهي أن النذر يكون سبباً لحصول المقصود ودفع المكروه وليس كذلك فأنصح هذا الرجل السائل وكذلك غيره ممن يستمع إلى كلامنا هذا أنصحهم عن النذر وأقول إذا كنتم مرضى فاسألوا الله الشفاء واستعملوا ما أمر به الشرع من الأدعية والأدوية المباحة ولا تتخذوا النذر سبباً لذلك وإذا ضاع لكم شيء فاسألوا الله سبحانه وتعالى أن يرده لكم بدون النذر.

أما ثانياً: وهو ما يتعلق بجواب هذا السؤال فإن السائل لم يفصح هل أنه نذر أن يذبح هذه الذبيحة أضحية أو مجرد ذبيحة للأكل فإن كان الأول أي نذر أن يذبح ذبيحةً أضحية في عيد الأضحى فإنه النذر يكون حينئذٍ عبادة يجب عليه أن يوفي به في وقته ولا يجوز له تأخيره عنه فإن أخره فإن عليه كفارة يمين لتأخيره النذر عن وقته ويلزمه القضاء وأما إذا كان النذر لمجرد التمتع بأكله فهو نذرٌ مباح إن شاء أنفذه في أي وقتٍ كان إذا لم يقيده بوقتٍ معين وإن شاء لم ينفذه ولكن يكفر في هذه الحال كفارة يمين وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة وفي هذا مخير والإطعام إما أن يجمع المساكين على غداءٍ أو عشاء وإما أن يفرق عليهم طعاماً يكون الصاع لأربعة أنفس ويحسن أن يجعل معه شيئاً مما يحسنه من إدام والكسوة ثوب وغترة وطاقية حسب العرف مما يسمى كسوة وعتق الرقبة معروف فإن لم يجد يعني لم يجد دراهم يحصل بها على الطعام والكسوة والعتق أو وجد ولكن إذالم يجد فقراء ولا رقبة فإنه يصوم ثلاثة أيامٍ متتابعة ولا يجزئ الصيام مع القدرة على الإطعام والكسوة لأن الله تعالى ذكر الثلاثة جميعاً ثم قال (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015