فأجاب رحمه الله تعالى: أولياء الله تبارك وتعالى هم الذين تولوا أمره وقاموا بشريعته وآمنوا به جل وعلا وكانوا من أنصار دينه وقد بين الله ذلك في قوله (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس: 62) فهؤلاء هم أولياء الله الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره آمنوا إيماناً تاماً ويقيناً صادقاً وكانوا يتقون يتقون معاصي الله فيقومون بالواجب ويَدَعون المحرم فهم صالحون ظاهراً وباطناً وما أجمل العبارة التي قالها شيخ الإسلام رحمه الله (من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً) ومن ولاية الله الحب في الله والبغض في الله بأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ويبغض المرء لا يبغضه إلا لله وأما ما يذكره بعض الناس الذين يدّعون أنهم أولياء وهم فسقة فجرة فهذا كذب وخداع وقد يُجري الله على أيدي هؤلاء من خوارق العادات ما يكون به فتنة والخوارق هذه التي تأتي لغير الأولياء إنما هي من الشياطين تأتي للمرء بأخبار الناس أو تحمله في الهواء أو ما أشبه ذلك ويقول هذا من ولاية الله وكل من ادعى ولاية الله ودعا الناس إلى تعظيمه وتبجيله فليس من أولياء الله لأن هذا تزكية للنفس وإعجاب بها وتزكية النفس من المحرمات قال الله تبارك وتعالى (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى) (النجم: من الآية32) أي لا تدّعوا زكاءها قد يدعي الإنسان أنه زكي أو يتصور أنه زكي وهو ليس كذلك وأما قوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) فليس المراد من زكاها بلسانه وقال إنه زكي أو اعتقد زكاءه بقلبه وإنما المراد بقوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) أي فعل ما به تزكو نفسه وإنني بهذه المناسبة أحذر إخواني الذين عندهم من يدعي الولاية وهو أبعد الناس عنها لمحادته الله ورسوله فليحذر إخواني من هؤلاء وأمثالهم أهل الشعبذة واللعب بعقول الناس فإنهم لا ولاية لهم عند الله عز وجل.
***