هل الإيمان هو التوحيد؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإيمان والتوحيد شيئان متغايران وشيئان متفقان، فالتوحيد هو إفراد الله عز وجل بما يستحقه ويختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. وإن هذه الأقسام جاءت في قوله تعالى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) . فقوله: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا) يعني توحيد الربوبية، وقوله: (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ) يعني توحيد الألوهية، وقوله: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) يعني توحيد الأسماء والصفات. وهذا التقسيم للإيمان في الواقع؛ لأن الإيمان بالله عز وجل يتضمن الإيمان بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وعلى هذا فالموحد لله مؤمن به، والمؤمن بالله موحد له، لكن قد يحصل خلل في التوحيد أو في الإيمان فينقصان، ولهذا كان القول الراجح أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد وينقص في حقيقته وفي آثاره ومقتضياته: فالإنسان يجد من قلبه أحياناً طمأنينة بالغة، كأنما يشاهد الغائب الذي كان يؤمن به، وأحياناً يحصل له شيء من قلة هذا اليقين الكامل، وإذا شيءت أن تعرف أن اليقين يتفاوت فاقرأ قول الله تعالى عن إبراهيم خليله عليه الصلاة والسلام: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) . كما أنه أيضاً يزيد بآثاره ومقتضياته: فإن الإنسان كلما ازداد عملاً صالحاً ازداد إيمانه، حتى يكون من المؤمنين الخلص.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015