فأجاب رحمه الله تعالى: فأولاً نقول إن تحدث الإنسان عن نفسه بما يقوم به من عبادة الله عز وجل إن كان لغرض صحيح بأن يقصد بذلك التحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى عليه أو يقصد بهذا أن يقتدي الناس به فهذا لا حرج فيه وإن كان تحدثه عن نفسه بما يقوم به من عبادة الله يقصد به تزكية نفسه وإظهار عبادته للناس فليس على خير لأن الله تعالى يقول (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى) والذي أرجوه أن يكون هذا السائل إنما تحدث عن نفسه بما يقوم به من عبادة الله على سبيل الإخبار والتحدث بنعمة الله لا مرآة للناس ولا قصداً لمدحهم وسؤاله عن ترك الزواج خوفاً من أن يفتتن بالدنيا جوابه أن نقول إن الزواج من عبادة الله عز وجل لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به فقال (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) وهو على الأقل مستحب وقد يكون واجباً إذا قصد الإنسان بتركه التبتل والانقطاع ولهذا لما اجتمع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسألوا عن عبادته في السر كأنهم تقالوها وقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وطمعوا أن يقوموا بما هو أشق من العبادة فقال بعضهم أصوم ولا أفطر وقال الثاني أقوم ولا أنام وقال الثالث لا أتزوج النساء فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام (أما أنا فأصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه (نهى عن التبتل) وهو الانقطاع عن الزواج فأشير على هذا السائل إن كان لديه قدرة واستطاعة أن يتزوج وأبشره بأن الزواج من عبادة الله حتى صرح أهل العلم بأن الزواج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة وعلى هذا فإني أحثه على أن يتزوج ليحصن فرجه وفرج امرأته ولعل الله أن يجعل بينهما ولداً صالحاً ينفع الله به الناس وينفع به والديه.
***