فأجاب رحمه الله تعالى: الربح الذي يكتسبه البائع ليس محدداً شرعاً لا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في إجماع أهل العلم ولا علمنا أن أحداً حدده غاية ما في ذلك أن بعضاً من أهل العلم لما ذكروا خيار الغبن قالوا إن مثله أن يغبن بعشرين في المائة أي بالخمس ولكن مع هذا ففي النفس منه شيء فإن التحديد بالخمس ليس عليه دليلٌ أيضا فعلى كل حال فإننا نقول إنه لا حد للربح لعموم قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) وعموم قوله تعالى (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) فمتى رضي المشتري بالثمن واشترى به فهو جائز ولو كان ربح البائع فيه كثيراً اللهم إلا أن يكون المشتري ممن لا يعرفون الأسعار غريراً بالقِيَم والأثمان فلا يجوز للبائع أن يخدعه ويبيع عليه بأكثر من ثمن السوق كما يفعله بعض الناس الذي لا يخافون الله ولا يرحمون الخلق إذا اشترى منهم الصغير والمرأة والجاهل بالأسعار باعوا عليه بأثمان باهظة وإذا اشترى منهم من يعرف الأسعار وهو عالمٌ يعرف كيف يشتري باعوا عليه بثمن أقل بكثير إذن نقول في الجواب إن الربح غير محدد شرعاً فيجوز للبائع أن يربح ما شاء لعموم الآيتين الكريمتين (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) و (إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) ولأن الزيادة والنقص خاضعان للعرض والطلب فقد يكون الطلب شديداً على هذه السلعة فترتفع قيمتها وقد يكون ضعيفاً فتنخفض ومن المعلوم أنه قد يشتري الإنسان الشيء بمائة ثم تزيد الأسعار فجأة فيبيعها في اليوم الثاني أو بعد مدةٍ طويلة بمائتين أو بثلاثمائة أو أكثر نعم من احتكر شيئاً معيناً من المال وصار لا يبيعه إلا بما يشتهي فإن لولي الأمر أن يتدخل في أمره وأن يجبره على بيعه بما لا يضره ولا يضر الناس سواءٌ كان هذا المحتكر واحداً من الناس أو جماعةً لا يتعامل بهذا الشيء إلا هم فيحتكرونه فإن الواجب على ولي الأمر في مثل هذه الحال أن يجبرهم على البيع بربحٍ لا يضرهم ولا يضر غيرهم أما إذا كنت المسألة مطلقة والشيء موجودٌ في كل مكان لا يحتكره أحد فإنه لا بأس أن يأخذ ما شاء من الربح إلا إذا كان يربح على إنسانٍ جاهل غرير لا يعرف فهذا حرامٌ عليه أن يربح عليه أكثر مما يربح الناس في هذه السلعة.
***