بارك الله فيكم هذه رسالة من المستمع عبد الرحمن عبد الهادي العتيبي من البجادية يقول ما مدى صحة الحديث الذي معناه أن من أراد أن يضحي أو يضحى عنه فلا يأخذ من شعره أو ظفره شيئاً حتى يضحي وذلك من أول أيام عشر ذي الحجة وكيف ذلك وما هي الأشياء التي يمتنع من سيضحي عن فعلها وهل هذا النهي يصل إلى درجة التحريم أم أنه للاستحباب وهل يلتزم به المقيم والحاج على السواء أم هو خاصٌ بالمقيم دون الحاج؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الحديث صحيح رواه مسلم وحكمه التحريم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من ظفره شيئاً) وفي روايةٍ (ولا من بشره) والبشر الجلد يعني أنه لا ينتف شيئاً من جلده كما يفعله بعض الناس ينتف من عقبه من قدمه فهذه الثلاثة هي محل النهي الشعر والظفر والبشرة والأصل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم التحريم حتى يرد دليلٌ يسقطه إلى الكراهة أو غيرها وعلى هذا فيحرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ في العشر من بشرته أو شعره أو ظفره شيئاً حتى يضحي وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى على عباده لأنه لما فات أهل المدن والقرى والأمصار لما فاتهم الحج والتعبد لله سبحانه وتعالى بترك الترفه شرع لمن في الأمصار هذا الأمر شرعه لهم ليشاركوا الحجاج في بعض ما يتعبدون لله تعالى بتركه وإنما قلت ذلك لأنه لا يجوز لإنسان أن يتعبد بترك شيء أو بفعل شيء إلا بنصٍ من الشرع فلو أراد أحدٌ أن يتعبد لله تعالى في خلال عشر أيام بترك تقليم الأظفار أو الأخذ من شعره أو بشرته لو أراد أن يتعبد بدون دليل شرعي لكان مبتدعاً آثماً فإذا كان بمقتضى دليل شرعي كان مثاباً مأجوراً لأنه تعبد لله تعالى بهذا الترك وعلى هذا فاجتناب الإنسان الذي يريد أن يضحي الأخذ من شعره وبشرته وظفره يعتبر طاعةً لله ورسوله مثاباً عليها وهذه من نعمة الله بلا شك وهذا الحكم إنما يختص بمن أراد أن يضحي فقط أما من يضحى عنه فلا حرج عليه أن يأخذ وذلك لأن الحديث إنما ورد لو أراد أحدكم أن يضحي فقط فيقتصر على ما جاء به النص ثم إنه قد علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يضحي عن أهل بيته ولم ينقل أنه كان ينهاهم عن أخذ شيء من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم فدل هذا على أن هذا الحكم خاصٌ بمن يريد أن يضحي فقط ثم إن المراد من أراد أن يضحي عن نفسه لا من أراد أن يضحي وصيةً لآبائه أو أجداده أو أحدٍ من أقاربه فإن هذا ليس مضحياً في الحقيقة ولكنه وكيلٌ لغيره فلا يتعلق به حكم الأضحية ولهذا لا يثاب على هذه الأضحية ثواب المضحي إنما يثاب عليها ثواب المحسن الذي أحسن إلى أمواته وقام بتنفيذ وصاياهم ثم إنه نسمع من كثيرٍ من الناس من العامة أن من أراد أن يضحي وأحب أن يأخذ من شعره أو من ظفره أو من بشرته شيئاً يوكل غيره في التضحية وتسمية الأضحية ويظن أن هذا يرفع عنه النهي وهذا خطأ فإن الإنسان الذي يريد أن يضحي ولو وكل غيره لا يحل له أن يأخذ شيئاً من شعره أو بشرته أو ظفره ثم إن بعض النساء في هذه الحال يسألن عمن طهرت في أثناء هذه المدة وهي تريد أن تضحي فماذا تصنع في رأسها نقول لها تصنع في رأسها أنها تنقضه وتغسله وترويه ولا حاجة إلى تسريحه وكده فإنه لا ضرورة إلى ذلك وإن كدته تكده برفق من أجل إصلاح الشعر وكذلك بالنسبة للرجل لا ينبغي أن يسرح شعره أو يكده في هذه الأيام وهو يريد أن يضحي وأما قول السائل هل هذا خاصٌ بأهل الأمصار أو بالذين يحجون أيضاً فنقول إن الحاج إذا اعتمر فلا بد له من التقصير فيقصر ولو كان يريد أن يضحي في بلده لأنه يجوز للإنسان إذا كان له عائلة لم تحج أن يشتري لهم أضحية أو يوكل من يشتري لهم أو يوكل أحداً من إخوانه أو أولاده بأن يشتري له أضحية ويضحي عنه وعن أهل بيته وفي هذه الحال إذا كان معتمراً فلا حرج عليه أن يقصر من شعر رأسه لأن التقصير في العمرة نسك.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015