فأجاب رحمه الله تعالى: أما الوضوء فإنه ينتقض بالإغماء، لأن الإغماء أشد من النوم، والنوم ينقض الوضوء إذا كان مستغرقا بحيث لا يدري النائم لو خرج منه شيء، أما النوم اليسير الذي لو أحدث النائم لأحسَّ بنفسه فإن هذا لا ينقض الوضوء سواءً كان من نائم أو قاعد متكئ أو قاعد غير متكئ أو أي حال من الأحوال مادام لو أحدث لأحسَّ بنفسه فإن نومه لا ينقض الوضوء، فالإغماء أشد من النوم، فإذا أغمي على الإنسان فإنه يجب عليه الوضوء، أما لو أغمي عليه مدة فات بها عدة صلوات أو صلاة واحدة فإن العلماء اختلفوا في هذا، هل يجب عليه القضاء مدة الإغماء أو لا يجب؟ فمنهم من قال: إنه يجب عليه قضاء الصلوات التي تفوته في مدة الإغماء، قالوا: لأن الإغماء كالنوم والنائم يجب عليه قضاء الصلاة لقول النبي عليه الصلاة والسلام (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) ، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يجب على المغمى عليه قضاء الصلاة وذلك لأنه لا يصح قياسه على النائم، لأن النائم إذا استيقظ أُوقِظ وصحا بخلاف المغمى عليه فإنه لا يملك إيقاظ نفسه ولا يملك أحد أن يوقظه فبينهما فرق ومع وجود الفارق لا يصح القياس، ولكن الاحتياط والأولى أن يقضي إبراءً لذمته، ثم إن كان هذا واجبا عليه بمقتضى الشرع فقد أبرأ ذمته وإن لم يكن واجباً عليه فإن ذلك يكون تطوعاً يؤجر به عند الله.
***