فأجاب رحمه الله تعالى: إن هذا الحديث الذي ذكرت لا أصل له وليس بصحيح وعلماء الضلال موجودون في أول هذه الأمة من بعد عصر القرون المفضلة إلى اليوم وإلى ما بعد اليوم والله أعلم وليس هذا خاصاً بآخر الزمان فقد ورد في صدر هذه الأمة بعد القرون المفضلة ورد علماء مضلون صاروا أئمة لمن بعدهم في الضلال والدعوة إلى الضلال والعياذ بالله وليس هذا خاصاً بآخر هذه الأمة وأما ما نسمعه من بعض كبار السن من إنكارهم ما يسمعون من العلم فإن هذا من جهلهم في الحقيقة وليس غريباً أن يقع منهم مثل هذا الإنكار لأنهم جهلة ولو كان عندهم علم لكانوا يطلبون لما سمعوه من هذه العلوم يطلبون الدليل فإذا وجدوا الدليل علموا أن ما قيل ليس بجديد ولكن الذي جَّد هو سماع هؤلاء له ولا يلزم من تجدد سماع هؤلاء لما سمعوه من العلم أن يكون العلم جديداً فالواجب على المسلم إذا سمع شيئاً ليس في معلومه من شريعة الله سبحانه وتعالى الواجب عليه أن يبحث عن دليل هذا الذي سمع فإذا كان دليلاً صحيحاً وجب عليه القبول وإن لم يكن صحيحاً فله الحق في أن يرفض بل يجب عليه أن يرفض إذا كان يخالف دليلاً آخر أصح منه.
فضيلة الشيخ: إذن نستطيع أن نقول أن انتشار العلم وكثرة العلماء والبحث هو الذي أدَّى إلى هذه المعرفة التي كانت خافية عليهم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هو هذا لكن في الحقيقة الذي يخشى منه الآن هو أن بعض الناس يتسرعون في الفتوى ولا يحققون ما يقولون وهذه هي المسألة الخطيرة جداً لأننا نسمع هذا كثيراً ونقرأه كثيراً وينقل إلينا كثيراً مسائل أفُتي فيها نعلم أن المفتي لو أنه بحث وفتش لوجد أن الصواب في خلاف ما أفتى به ولكنه لم يشأ أن يتكلف المشقة في طلب الحق فتجده يفتي بما يراه يقول أرى كذا وأرى كذا والعامة لا يميزون بين قوله أرى كذا وبين قوله هذا حكم الله فهم يرون أن من يعتقدونه عالماً أنه إذا قال أرى كذا فمعناه أن هذا هو الشرع مع أن الأمر بخلافه والذي أنصح به إخواني ألا يتسرعوا فإن التسرع إلى الفتوى بدون بحث وتحقيق وعلم هو في الحقيقة مرض خطير ويجب على المرء أن يعلم بأنه إذا أفتى بحكم من أحكام الشريعة فإنما هو مبلغ عن شريعة الله سبحانه وتعالى لخلقه وهو مسؤول عن ذلك فليحذر هذا الأمر العظيم.
فضيلة الشيخ: إذن هناك سؤال لابد من طرحه مادمتم تفضلتم بهذا الحديث وهو هل يجوز للمفتى أن يقول أرى وهو يجد نصاً أو يجد فتوى سابقة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان النص صريحاً فإنه لا يقول أرى إذا كان النص صريحاً يقول هذا حكم الله لقوله تعالى أو لقول النبي صلى الله عليه وسلم وإذا كان النص غير صريح فلا حرج أن يقول أرى لأن الحديث ليس بصريح فيما يقول وقد يكون رأيه أو فهمه للحديث ليس بصحيح فحينئذٍ يقول هذا رأيي وأما الرأي المجرد الذي ليس له مستند فهذا لا يجوز الفتوى به مطلقاً لأنه لو قيل كذلك لكان من الذين يقولون في القرآن برأيهم لأن من قال في القرآن برأيه كما أنه لتفسير القرآن فهو أيضاً لبيان أحكام القرآن والشريعة فمجرد الرأي لا يجوز الفتوى به حتى يكون له مستند من نص أو إجماع أو قياس صحيح يكون به الرائي من أهل النظر والقياس والمعرفة.
فضيلة الشيخ: بالنسبة للفتوى إذا كان هناك فتوى سابقة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: كذلك بالنسبة للفتوى السابقة لا يجب عليه أن يلتزم بها لأن الفتوى السابقة يجوز عليها الخطأ كما يجوز على الفتوى اللاحقة وإنما يعتمد فيما يفتي إذا استطاع على الكتاب والسنة.
***