كل هذا ممنوع، فالميت المسلم لا يمتهن ولا يدعى من دون الله; لا يغالى فيه فيدعى من دون الله، ولا يمتهن ويداس وتوضع عليه القمائم والأبوال والقاذورات، لا هذا ولا ذاك، فالشريعة جاءت بالوسط; جاءت باحترام القبور، والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، وزيارتهم للدعاء لهم، والاستغفار لهم، ونهت عن إيذائهم بالقاذورات وبالقمائم وبالبول وبالقعود عليهم، إلى غير ذلك.

ومن هذا ما جاء في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» (?) لا يجوز أن تجعل قبلة ولا أن يقعد عليها فجمعت الشريعة الكاملة العظيمة بين الأمرين; بين تحريم الغلو في أهل القبور ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم، والنذر لهم، ونحو ذلك، وهذا من الشرك الأكبر، وبين النهي عن إيذائهم وامتهانهم والجلوس على قبورهم، أو الوطء عليها والاستناد إليها، أو وضع القاذورات عليها، كل هذا ممنوع، وبهذا يعلم المؤمن، ويعلم طالب الحق، أن الشريعة جاءت بالوسط; لا بالشرك ولا بالإيذاء والامتهان، فالنبي والرجل الصالح يدعى له، ويستغفر له، ويسلم عليه عند زيارته، أما أن يدعى من دون الله فلا، فلا يقال: يا سيدى المدد المدد، أو انصرني، أو اشف مريضي، أو أعني على كذا، فهذا يطلب من الله، ولا يمتهن فتوضع القمامة على قبره، أو يوطأ عليه، أو يداس عليه، لا هذا ولا ذاك.

أما الحي فلا بأس أن يتعاون معه; لأن له عملا فيما يجوز شرعا من الأسباب الحسية، كما قال تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (?) [القصص: 15] ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015