الأحاديث الصحيحة دلت على منع ذلك. . . وقد نقل أبو عمر ابن عبد البر الإمام المشهور رحمه الله إجماع أهل العلم على أنه لا يجوز الحلف بغير الله، فالواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك، وليس لأحد أن يحلف بحياة فلان، أو شرف فلان، أو بالكعبة، أو بالنبي، أو بالأمانة، كل هذا لا يجوز.
أما الطلاق فليس من الحلف في الحقيقة، وإن سماه الفقهاء حلفا، لكن ليس من جنس هذا، الحلف بالطلاق معناه تعليقه على وجه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، مثل لو قال: والله ما أقوم، أو والله ما أكلم فلانا فهذا يسمى يمينا، فإذا قال: علي الطلاق ما أقوم، أو علي الطلاق ما أكلم فلانا. فهذا يسمى يمينا من هذه الحيثية، يعني من جهة ما يتضمنه من الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، سمي يمينا لهذا المعنى، وليس فيه الحلف بغير الله، فهو ما قال: بالطلاق ما أفعل كذا، أو بالطلاق لا أكلم فلانا، فهذا لا يجوز.
ولكن إذا قال: علي الطلاق ألا أكلم فلانا، أو علي الطلاق ما تذهبي إلى كذا وكذا، أي زوجته، أو علي الطلاق ما تسافري إلى كذا وكذا، فهذا طلاق معلق، يسمى يمينا لأنه في حكم اليمن من جهة الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، فالصواب فيه أنه إذا كان قصد منعها، أو منع نفسه، أو منع غيره من هذا الشيء الذي حلف عليه فيكون حكمه حكم اليمين، وفيه كفارة يمين.
وليس في هذا مناقضة لقولنا إن الحلف بغير الله ما يجوز، وليس في هذا مخالفة؛ لأن هذا شيء وهذا شيء، فالحلف بغير الله مثل أن يقول: