الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم لا يملك هداية أحد، فالهداية بيد الله سبحانه وتعالى، فهو يهدي من يشاء، ولهذا لما مات عمه أبو طالب على الكفر أنزل الله في حقه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (?) [القصص: 56] ، وقال سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (?) [البقرة: 272] .

ولهذا شفع فيه في أن يكون في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه -نسأل الله العافية-، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أهون الناس عذابا يوم القيامة أبو طالب فإنه في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه» (?) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وفي لفظ آخر يقول: «إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة من يكون له نعلان من نار يغلي منهما دماغه» (?) وهو يرى أنه أشد الناس عذابا وهو أهونهم عذابا.

وهناك شفاعات له أخرى صلى الله عليه وسلم ليست مختصة به صلى الله عليه وسلم، فهناك شفاعات فيمن دخل النار من أهل التوحيد يخرج منها، ومن لم يدخلها أن لا يدخلها من العصاة; فإن العصاة قسمان:

قسم يعفى عنه قبل دخول النار بالشفاعة أو برحمة الله سبحانه وتعالى، وعفوه جل وعلا.

وقسم يدخل النار بمعاصيهم وسيئاتهم ثم بعد ما يمضي عليهم ما شاء الله في النار يخرجون منها بشفاعة الشفعاء، أو برحمة الله سبحانه المجردة من دون شفاعة أحد; لأنه كتب جل وعلا أنه لا يخلد فيها إلا الكفرة، فالنار لا يخلد فيها إلا الكفار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015