وقوله: {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} (?)، وقوله: {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (?) أي: يعتمدون عليه بقلوبهم مفوضين أمورهم إليه وحده، فلا يرجون سواه، ولا يقصدون غيره، ولا يرغبون إلا إليه، فالله حسبهم أي: كافيهم، كما قال -تعالى-: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (?).
والتوكل لا ينافي فعل الأسباب، قال -تعالى-: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} (?)، وقال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (?)، فأمر بالعبادة والتقوى التي هي فعل الأسباب وتوقي المكروهات، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «لو أنكم توكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا»، أي: تفعل الأسباب وتتقلب في طلب المعاش، فالمتوكل على الله هو المؤمن الذي يفعل أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، ويطلب الرزق ويحترف بنفسه، مع اعترافه بأن ربه -تعالى- هو مسبب الأسباب، فلو شاء لما أثمرت الأشجار، ولا ربح التجار، ولا عاشت المواشي، ولا وجدت الحرف، فإذا فعلها العبد ووثق بربه رزقه من حيث لا يحتسب.
وقد رأى عمر قوما جلوسا في المسجد، وقالوا: نحن المتوكلون،