وهذه الآية الكريمة في المعنى كقوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} (?)، {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} أي: قل لهم: إِن القرآن هدى من الضلالة، وشفاءٌ من الهلكة والانتقام، وظلماتِ الكفر وغيره من الأباطيل، فهو هدى للمؤمنين؛ أي: هم الذين يستثمرونه وينتفعون به، فهو هادٍ لكل أحد؛ لكن لما لم ينتفع به غيرُ المؤمنين، قيل: هدى للمؤمنين.
وأما الذين لا يؤمنون فلا ينتفعون به، ولا يستثمرونه لتقصيرهم وعدم توفيقهم؛ بل {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ} أي: صمم لا يسمعونه سماعًا ينتفعون به ويستهدون به، وإِن كانوا يسمعون سماعًا تتوجه به حجة الله تعالى ويصيرون مكلفين.
وقوله تعالى: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} أي: أعمى الله قلوبهم عن فهم القرآن، فلا يفهمونه لخذلانهم. وقوله تعالى: {أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} (?). أي: قلوبهم بعيدة عن فهمه، فهم كمن ينادى في مكان بعيد؛ فإِنه لا يفهم.
والمراد لا يفهمونه فهمًا ينفعهم لبعد قلوبهم، وإن كانوا قد فهموا منه التكليف ومدلولَ الكلام، "والله أعلم".
4 - مسألة: رجلان تنازعا في انشقاق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أحدهما: انشق فرقتين دخلت إحداهما في كم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخرجت من الكم الأخر. وقال الآخر: بل نزل إِلى بين يديه، وهو فرقتين ولم يدخل في كمه، فمن المصيب منهما؟.