لقد كثر السؤال عن حكم هذه المسألة، ولا سيما بعد تطور الطب وتوصل الأطباء إلى إمكان مثل هذا بشروط يعرفونها، ومنها: أن تؤخذ العين من الميت إثر وفاته فورا، وأصبح بذلك من الممكن أن يرتد الأعمى بصيرا في بعض حالات العمى.
وقد اختلف علماء العصر في جواز مثل هذا:
فمنهم المتردد، ومنهم المانع، ومنهم المجيز. وكل من هؤلاء ينظر إلى الموضوع من زاوية معينة.
فمن نظر إلى أن هذا انتفاع بجزء من الميت وأن فيه مثلة وتشويها بالميت - ترجح لديه المنع، ومن نظر إلى ما فيه من المصلحة الإنسانية والانتفاع العام - ترجح لديه الجواز.
ومن حجج المانعين: أن هذا من المثلة والتشويه بالميت، وهو ممنوع شرعا، فقد أخرج البخاري من حديث عبد الله بن زيد: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة) ، وأخرج أحمد وأبو داود من حديث عمران بن حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مثل بأي روح ثم لم يتب مثل الله به يوم القيامة (?) » ولما في ذلك من تشقيق لحم الميت وتقطيعه.
وقد نص الفقهاء على أنه يحرم قطع شيء من أطراف الميت وإتلاف ذاته وإحراقه، واستدلوا بحديث: «كسر عظم الميت ككسر عظم الحي (?) » قالوا: ولو أوصى به فلا تتبع وصيته لحق الله تعالى. قالوا: ولوليه أن يحامي عنه ويدافع من أراد قطع طرفه ونحوه بالأسهل فالأسهل كدفع الصائل، وإن آل ذلك إلى إتلافه ولا ضمان. قالوا: ولا يجوز استعمال شعر الآدمي احتراما له مع الحكم بطهارته؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (?) .