بالحكم.
الثالث: أن أصل التداوي مشروع وليس بواجب، فلا يجوز ارتكاب محظور من أجل فعل جائز.
الرابع: أن زوال المرض مظنون بالدواء المباح. وأما بالدواء المحرم فمتوهم، فكيف يرتكب الحرام لأمر متوهم.
الخامس: أنه قال: «ولا تتداووا بحرام (?) » فهذا نهي، والنهي يقتضي في الأصل التحريم، وهو إنما حرم لقبحه، فلا يكون فيه شفاء.
وأما النظر فمن وجوه:
الأول: أن الله تعالى إنما حرمه لخبثه، فإنه لم يحرم على هذه الأمة طيبا؛ عقوبة لها، كما حرمه على بني إسرائيل بقوله جل وعلا: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} (?) وإنما حرم على هذه الأمة ما حرم؛ لخبثه، وتحريمه له حمية لها وصيانة عن تناوله. فلا يناسب أن يطلب به الشفاء من الأسقام والعلل، فإنه وإن أثر في إزالتها لكنه يعقب سقما أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه، فيكون المداوي به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب.
الثاني: أن تحريمه يقتضي تجنبه والبعد عنه بكل طريق، وفي اتخاذه دواء حض على الترغيب فيه وملابسته، وهذا ضد مقصود الشارع.
الثالث: أنه داء كما نص عليه الشارع، فلا يجوز أن يتخذ دواء.
الرابع: أنه يكسب الطبيعة والروح صفة الخبث؛ لأن الطبيعة تنفعل عن كيفية الدواء انفعالا بينا، فإذا كانت كيفيته خبيثة أكسب الطبيعة منه خبثا،