وأعمالهم - فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة؛ أمر الله سبحانه عباده أن يتعلموا هذا العلم، والله سبحانه رءوف بعباده، لطيف خبير بأحوالهم.
ومن كمال علمه سبحانه وحكمته علم أن طلب العلم غير ممكن لكافة الأمة على اختلاف قدراتهم وإمكاناتهم، وما قد يسببه ذلك من تعطيل لأسباب الرزق وانشغال عنها، فكان من عظيم حكمة الله أن جعل طلب العلم واجبا كفائيا على الأمة، فقال سبحانه: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (?) .
فكانت الطائفة النافرة لطلب العلم والفقه في الدين هم أهل العلم، وكان الواجب عليهم إذ علموا العلم أن ينذروا قومهم: يعلموهم، ويفقهوهم في أمور دينهم، فكان جميع شرائح المجتمع المسلم بحاجة، بل بضرورة لأهل العلم حتى يتمكنوا من عبادة الله على بصيرة.
فالرجل والمرأة، والحر والعبد، والحاضر والمسافر، التاجر في تجارته، والجندي في جيشه، والمهندس في فنه، والطبيب في طبه، والصانع في صناعته، والفلاح في زراعته - كل هؤلاء وغيرهم بحاجة إلى علم العالم وإلى سؤاله عما يشكل عليهم من أمر دينهم.
وقد أوجب الله على أهل العلم البيان وحرم عليهم الكتمان، فقال سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (?) .