تدُل هذه الآيات على فرضية تلك العبادة، وأنها أحدُ أركان الإسلام التي بني وقام عليها، كما ورد في الحديث في تفسيره صلى الله عليه وسلم للإسلام والذي جاء فيه: "أن تشهد أن لا إله إِلاَّ الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتيَ الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجَّ البيت إِن استطعتَ إِليه سبيلاً".
وقد فرض الحج في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى إنه يجب على التراخي!
ولكن الصحيح أنه يجب على الفور بمعنى أن العبد متى تمكن من أدائه، وزالت المحظورات، وقدر عليه وجب عليه أن يأتي به، ولم يجز له تأخيره.
ومن حكمة الله أنه ما فرضه إلا مرة واحدة، فقد روى الإمام أ؛ مد في "مسنده"، وأبو دواد، وابن ماده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الأقرع بن حابس سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: الحج في كل سنة، أو مرة واحدة؟ قال: "بل مرة واحدة، فمن زاد فهو تطوع".
فإذا أدَّى العبد هذه العبادة مرة واحدة، خرج من عهدة الوجوب، ومازاده فإن له أجراً في تلك الزيادات التي هي تنفُّل، وعبادات.
والحج فضائله كثيرة لو لم يكن منها إلاَّ قول النبي صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارةً لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلاَّ الجنة".
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من حجَّ فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه"، أي: خرج من ذنوبه، كما في الرواية الأُخرى.
وفي هذا حثُّ للعبد على أَن يكون مهتماً بأَداء هذا النسك فرضاً أو تطوعاً، ويحمله على أن يكون مبادراً إلى ذلك قبل أن يعوقه عائق، وقبل أن يشغله شاغل.
شروط الحج والعمرة
وأركانهما وواجباتهما
أولاً: شروط الحج والعمرة:
معلوم أن الواجبات لا تلزم أحداً إلا بشروط يلزم وجودها ليصح منه العمل، ومن ذلك فريضة الحج، فإنه لا يجب على أحد إلا بشروط خمسة ذكرها العلماء: