يوم العيد هو يوم فرح للمسلمين وسرورهم، ففيه يتجملون ويلبسون أحسن الثياب، وفيه يتزاورون ويتبادلون التهاني والتبريك بهذا اليوم المبارك، ويدعون ربهم أن يعيد عليهم من بركاته، وأن يعود عليهم مرات بعد مرات، وهم في غاية النصر والتمكين والهناء، والعيش الرغيد والحياة السعيدة، وفيه يعودون المرضى ويتواصلون الأرحام، ويجتمع الأقارب ويتلاقون بعد طول الغيبة.
ويجوز فيه إظهار شيء من الفرح والمرح واللهو المباح، ففي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث وليستا بمغنيتين، فاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في يوم عيد. فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعهما يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا". فدل على أنه يباح لمثل عائشة سماع شيء من الشعر الذي فيه ترويح عن النفس وجلب للفرح والانبساط إذا لم يكن فيه شيء من التمطيط والتكسير والتهييج بما يثير الغرائز ويدفع إلى اقتراف الفواحش، ولهذا قالت: "وليستا بمغنيتين" أي ليستا ممن يعرف الغناء الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، كالذي فيه وصف الخدود والقدود والخمر ونحو ذلك.