ورد في حديث عائشة: "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر، أحيا ليله، وأيقظ أهله، وجَدَّ". والجدّ هو: بذل الجهد في طلب الطاعات، أو في فعلها، أي: بذل ما يمكنه من الوسع.
وذلك يستدعي أن يأتي الطاعة بنشاط، ورغبة، وصدق ومحبة. ويستدعي أن يبعد عن نفسه الكسل، والخمول، والتثاقل، وأسباب ذلك، ففي أي شيء يكون هذا الجدّ؟
* الجد في الصلاة؛ فيصلي في الليل والنهار ما استطاع.
* والجد في القراءة؛ أن يقرأ ما تيسر من القرآن بتدبر وخشوع وقلب حاضر.
* والجد في الذكر؛ أن يذكر الله ولا ينساه، ولا زال لسانه رطباً بذكر الله.
* والجد في الدعاء؛ أن يدعو ربه تضرعاً وخفية وأن يكثر من الدعاء.
* والجد في الأعمال الخيرية المتعددة من النصائح والعبادات، وما أشبه ذلك.
* والجد في العلم والتعلم وما يتصل بذلك، أي الاجتهاد في الأعمال كلها.
إيقاظ الأهل في العشر الأواخر:
ويدخل في ذلك أمر الأهل -وهم الأولاد والنساء- بالصلاة، فيستحب للمسلم أن يوقظ أهله بهدف الصلاة، وأن يذكرهم بفضلها.
وكان السلف رحمهم الله يوقظون أهليهم حتى في غير رمضان. وكان عمر رضي الله عنه إذا كان آخر الليل أيقظ أهله كلهم، وأيقظ كل صغير وكبير يطيق الصلاة، وكان يقرأ قول الله تعالى: ((وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها)) (طه:132) .
يستشهد بهذه الآية على الحرص على صلاة النافلة، وذلك دليل على محبة الصحابة والسلف رضي الله عنهم للإكثار من أعمال الخير في الليل والنهار.
لذلك يتأكد على المسلم أن يوقظ أهله وإخوته، وأولاده ونساءه، ومن يتصل به، ومن له ولاية عليه، يوقظهم لأجل أن يقوموا في هذه الليالي الشريفة. فهي ليال محصورة، إنما هي عشر ليال، أو تسع ليال إذا لم تكتمل ليالي الشهر إلى ثلاثين ليلة بأن كان الشهر ناقصاً يوماً، فلا تفوت على الإنسان الباحث عن الخير أن يغتنمها، ويستغل أوقاتها.