وورد في الحديث عن زيد بن ثابت، وأُبي بن كعب مرفوعاً: "لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته أوسع من أعمالهم" رواه أحمد وغيره.
وحيث إن جميع نوع البشر خلقوا للعبادة، فإن فرضاً عليهم أن يدينوا لله تعالى بالتوحيد، ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالطاعة، فمن أطاعه وشهد له بالرسالة وتقبَّل شريعته فهو من أهل الجنة، ومن عصاه ودان بغير الإسلام فهو من أهل النار.
وقد ختم الله الرسالة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وجعل دينه وشريعته آخر الشرائع، وأرسله إلى جميع الناس بل إلى الثقلين، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى". قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى" رواه البخاري.
وقد سلط الله على الإنسان أنواعاً من الأعداء:
كالشياطين، قال الله تعالى: (ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا) (مريم:83) ، أي تدفعهم إلى التمادي في الكفر وتصدهم عن الهدى.
وكالنفس الأمَّأرة بالسوء والنفس اللوامة.
وكالهوى الذي يُعمي ويصم.
وكالشهوات التي تغري بتناولها من يميل إليها، ولو كانت محرمة أو ضارة بالعقل والدِّين.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "حفت الجنة بالمكاره، وحفّت النار بالشهوات" متفق عليه.
فلأجل ذلك لا يستغرب قلة من يعتنق الإسلام ويدين به، ولو كان هو دين الفطرة، ودين العقل السليم، لكن لوجود الصوارف عنه صار أهله قلة في غيرهم، وكثيراً ما يذكر الله عن الأكثرين قلة التعقل والعلم، كقوله تعالى: (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (الأعراف:187) ، (بل أكثرهم لا يعقلون) (العنكبوت:63) .