والذي ينقل لك عن أخيك الصالح، أنه قال كذا وكذا، فالغالب أنه يكون نماماً، وقد ورد أن النمام معذب في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة نمام" وفي رواية: "لا يدخل الجنة قتّات". وهو النمام، وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم ما العضْهُ؟ -وهو نوع من السحر- هي النميمة. القالة بين الناس! " فجعل النميمة من السحر أو شبيهاً بالسحر!
فإذا جاءك إنسان ونقل إليك عن أخ لك مسلم محب متثبّت، فعليك أن تسيء الظن به.
ثم إذا كان صحيحاً فعليك أن تحسن الظن بذلك القائل، وتلتمس له عذراً أياً كانت تلك المقالة، فتقول: لعل له عذراً، لعل عذره كذا وكذا.
روى عن بعض السلف أنه قال: لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شراً، وأنت تجد لها في الخير محملاً. فلو كان لها محمل واحد خير، وعشرة محامل شر، فاحملها على محمل الخير لأنك تحسن الظن بصاحبها، وتعرف أنه من أهل الخير والنصيحة والمودة، وأنه لا يتعمد أن يزلّ أو يطعن في مسلم، وأن يكفر مسلماً، أو يقترف ذنباً.
وإذا كانت هذه حالة المسلم فإن الواجب على المسلم أن يحسن الظن بإخوانه المسلمين.
وليس حسن الظن خاصاً بالدنيا؛ بل يجب حسن الظن أيضاً في أمور الآخرة. فمن عقيدة المسلم أن يكون حسن الظن بربه، فيظن بربه خيراً، أنه يغفر له ويعفو عنه سيئاته، ويكفر عنه خطاياه، ويرفع درجاته ويجزل مثوبته، ونحو ذلك.
فعلى المسلم أن يحسن الظن بإخوته، فيظن بهم الظن الحسن الذي يؤدي بهم إلى الخير، ويدفعهم إليه ويدلهم على ما فيه خير لهم، وما فيه الصلاح لهم والاستقامة عليه.
هذا من الآداب الشرعية، فمتى كان المسلمون كذلك استقامت حالتهم، واجتمعت كلمتهم.
الأدب الثامن
الصبر
لقد أمرنا بالصبر على ما يصيبنا، قال تعالى: (وتواصَوا بالحق وتواصوا بالصبر) (العصر:3) ، وقال: (وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) (البلد:17) ، وقال: (واصبر على ما أصابك) (لقمان:17) .