وذلك هو واجب الجميع، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، فعلى هذا يلزمنا أن نرجع إلى الحق، وأن ننصف من أنفسنا أن لا نُصِرَّ على أخطائنا، ولا نصر على باطل بعد أن تبين لنا أنه كذلك، ولو كان الذي جاء به صغيراً أو حقيراً أو نحو ذلك. هذا هو الإنصاف.
ولا شك أن الإنسان لا سيما طالب العلم وحامله، عليه أن يكون قدوة للناس في علمه، وفي عمله، فلا يحتقر مَن دونه ولا يتكبر على الصغير ولا على غيره؛ ولا يتكبر على أحد، ولا يحمل في نفسه اشمئزازاً ولا عتواً ولا نفوراً عن الحق، بل يكون متواضعاً لكل الناس.
الأدب الثالث
التواضع ولين الجانب
ومن الآداب التي أدّبنا بها الإسلام التواضعُ ولين الجانب؛ فإنه أمر أهله بالتواضع ونهى عن التكبر، والمتواضع هو الذي يُقبِل على الناس إقبالاً متساوياً بين كبيرهم وصغيرهم، ويسمع من هذا ومن ذاك، ويقبل من هذا ومن هذا، ويلين جانبه لهم، ويسعهم خلُقُه، ويُسفر لهم وجهَه، ويبسط لهم جاهَه ويتواضع لهم من خلقه قلباً وقالباً.
أما المتكبر فإنه ذلك الذي يشمخ بأنفه، ويترفّع بنفسه، ويحتقر من هو دونه كائناً من كان يزدري الناس ويراهم كأنهم حشرات على وجه الأرض، ولا يرى لغيره عليه حقاً ومن آثا ر تكبره هذا أنه لا يقبل نصحاً من أحد، فيدّعي أنه أرفع منهم قدراً وأفضل، فلا يتأثر بإرشاد ولا بموعظة تكبّراً وإعجاباً بنفسه.
وهذا لا شك من الأخلاق السيئة، فينبغي للمسلم أن يكون متواضعاً للصغير والكبير، لا يرفع نفسه ولا يترفع على أحد مهما كانت مقدرته ومنزلته، فيكون من آثار ذلك أن يقبل كل من أرشده أو نصحه، فإذا كان كذلك فقد تأدب بأدب حسن من تلك الآداب التي تخلّق بها نبينا عليه السلام، وتخلق بها أصحابه -رضي الله عنهم-.