فالنصيحة من الآداب الحسنى، ومن آثار المحبة الصادقة، ومن الآداب الدينية، وقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم الدين كله بقوله: "الدين النصيحة". فينصحهم عن التقصير والنقص الذي يقعون فيه، ويبيّن لهم وجه الخلل، ووجه النقص الذي يقعون فيه.
ذلك أنه ليس كل إنسان كاملاً، بل لا بد أن يقع الإنسان في خلل وفي نقص، فإذا رأيت أخاك قد وقع في الخلل فإن من كمال الأخوة والمحبة أن ترشده إلى الصواب، وتبين له الحق وتدله عليه؛ وسيستقبله منك وينساق إليه بكل سرور.
فلا شك أن تبادل النصيحة من الآداب الشرعية الناتجة عن المحبة والمودة الصادقة
/ النصيحة لولاة الأمور، والنصيحة للعامة:
وتكون النصيحة لكل فرد كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بقوله: "الدين النصيحة" وكررها ثلاثاً: قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولرسوله ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم".
وولاة الأمور هم كلُّ من كان له ولاية في أمر من الأمور: فإمام المسجد ومؤذنه، ورب الأسرة، وأمير القبيلة؛ أو البلدة، ومدير المدرسة والمدرس نفسه، ومعلمو الكُتّاب والموظفون ونحوهم، كل منهم يُعتبر من ولاة الأمور. فلهم حق علينا أن ننصحهم، وأن نبين لهم؛ وهذا من الآداب الشرعية.
ونصيحتهم لا بد أن تكون من أثر محبتهم، فمعلوم أنه لا بد أن يقع أحدهم في خطأ وخلل، إما عن عمد وإما زلة بغير تعمد، فكل منهم حق علينا أن ننصحه؛ فاستقامتهم يحصل بها عز ونصر ويقوى بها المسلمون جميعاً.
والنصيحة من المواعظ التي أمرنا بها في قوله تعالى: (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (النحل:125) .
وهي أيضاً من التذكير كما في قوله تعالى: (فذكّر بالقرآن من يخاف وعيد) (ق:45) .
كما أنها من الإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قوله تعالى: (وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) (لقمان:17) .
الأدب الثاني