وهذه النصيحة ليست مقتصرة على الأمور الدنيوية، مثل مشاركته في تجارتك أو مساهمته معك، أو أن تدله على ما يربح فيه ... وشبه ذلك، فإن هذا ليس من خصوصيات المحبة، بل المحبة أوسع من ذلك.
فمن المحبة أن ترشده إلى الطاعة وتدله عليها، وتحذره من المعصية وتحثه على الابتعاد عنها، وتبيّن له طرق الخير والشر، وتوضح له الطريق السوي الذي يوصله إلى رضى الله تعالى والجنة؛ وهذه هي حقيقة المحبة.
وسوف يتقبل منك إذا علم أنك صادق المودة، ليس لك هدف دنيوي، ولا قصد إلا أنك تريد له الخير وتدله عليه.
ولا تحتقر نفسك أن تنصحه، وتدله على ما ينفعه في دينه ودنياه، ولو كنت أجهل منه، أو أصغر منه؛ هذا هو مقتضى المحبة.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية أمثلة من آثار هذه المحبة، كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقاطعوا، ولا تظالموا ولا تهاجروا، ولا تحاسدوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى هاهنا -ويشير إلى صدره- بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه".
وظاهر الحديث بيِّن لا يحتاج إلى شرح، فلماذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأخوة بين المسلمين بقوله: "وكونوا عباد الله إخواناً"، أمرهم أن يثبِّتوا هذه الأخوة التي من آثارها عدم تحقير بعضهم بعضاً، وأن لا يظلم بعضهم بعضاً، ولا يعتدي بعضهم على بعض، ولا يهجر بعضهم بعضاً. فكل ذلك من آثار هذه المحبة ومن آثار هذه الأخوة.