أن يشدها على طهارة، لأنه مسح على حائل، فاشترطت الطهارة كالخف؛ وقيل: لا تعتبر لها الطهارة قبل الشد، وهو الصحيح، واختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية؛ لأن الكسر يقع بغتة، ويبادر إلى وضع الجبيرة في الحال، فاشتراط الطهارة يفضي إلى حرج ومشقة.
وقد ذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى أن الجبيرة تفارق الخف من خمسة أوجه:
أحدها: أن مسح الجبيرة واجب ومسح الخفين جائز، فإن له خلعه وغسل الرجلين.
الثاني: أن الجبيرة تمسح في الطهارة الكبرى؛ لأنه لا يمكن خلعها قبل برء الجرح، بخلاف الخفين، فإنه ينزعهما للاغتسال.
الثالث: أن الجبيرة ليس لها حد ووقت تخلع فيه كالخف، بل يمسح عليها إلى تمام البرء، وانجبار الكسر، بخلاف الخفين، فإنهما موقت مسحهما كما سبق.
الرابع: أن الجبيرة يستوعبها بالمسح، كما يستوعب غسل ما تحتها إذا كان بارزاً، فإن مسحها بدل غسل ما تحتها.
الخامس: أن الجبيرة يمسح عليها وإن شدها على حدث عند أكثر العلماء، وهو الصواب. أ. هـ.
الشرط الثاني للجبيرة: أن لا يتجاوز بها موضع الكسر تجاوزاً لم تجر العادة به، فإن الجبيرة توضع على طرفي الصحيح، لينجبر الكسر، وفي معنى ذلك ما جرت به العادة من التجاوز لجرح أو ورم، فيعفى عن اليسير الذي لا بد منه، وهو موضع الشد، ويكفي المسح عليه.
ثم إن المسح على الجبيرة ليس مؤقتاً، بل يستمر إلى حلها، ثم إذا نزعها وهو على طهارة، لم يلزمه غسل ما تحتها ولا إعادة الغسل إن كانت في غير أعضاء الوضوء، فمتى سقطت سقوط برء، كان بمنزلة حلق الرأس بعد مسحه، وكشط الجلد بعد الاغتسال، لا يوجب غسل ما تحته.