فتاوى الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله
فتاوى الزكاة
لقد شرع الله تعالى هذه الزكاة تطهيراً للمال وتنمية له ومواساة للمستضعفين، ولأجل ذلك كله جعلها الله تعالى حقاً في هذه الأموال. فقال تعالى: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) (الذاريات:19) ، وقال تعالى: (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) (المعارج:24-25) ، وهذا الحق هو الزكاة، وبيَّن أهله فهو للسائل والمحروم، أي للفقراء ونحوهم، فإذا كان في الأموال حق فلا تبرأ الذمة إلا بأداء هذا الحق إلى مستحقه، وإلا فإن المانع له مستحق للعقاب.
كذلك علم الله أن في الخلق من هو في حاجة، فليس الخلق كلهم أغنياء، ففيهم المستضعفون، وفيهم الفقراء، وفيهم العجزة، وفيها الكسالى، وفيهم المساكين، وفيهم المدينون، فجعل في أموال الأغنياء حقاً لهؤلاء من باب المواساة. فلو أن الأموال انفرد بها الأثرياء وحجزوها وأمسكوها، ولم يخرجوا منها شيئاً، لتضرر أولئك.
والله تعالى فرق بين خلقه، فمنهم من يسر له الأسباب، وهيأها له، وأعانه على الاكتساب، فأعطاه من الأموال ما يكون سبباً في ثروته وفي غناه، وأعطاه كذلك من الذكاء والفطنة والقدرة على الاكتساب وعلى تحصيل الأموال ما يستطيع أن ينمي به هذه الأموال، وهناك من هم مثله في الذكاء والفطنة ولكن لم يتيسر لهم هذا الأمر الذي هو الاكتساب.
إذاً فكسب الأموال وجمعها ليس هو بطريقة الذكاء ولا العقل ولا الاحتيال، ولكن بالأسباب مع التوفيق، ولذلك يقول الشاعر:
لو كان بالحيل الغنى لوجدتني بتخوم أقطارِ السماء تعلُقي
لكن من رُزق الحَجَا حُرم الغنى ضدانِ مفترقان أي تَفَرُّقِ
ومن الدليل على القضاء وكونه بؤس الرفيق وطيب عيش الأحمق