ونسمع عن الأولين أن أحدهم يسافر مسيرة شهر وشهرين في طلب حديث أو أحاديث ويغيب عن أهله سنة أو سنتين أو سنوات كل ذلك لطلب العلم ولا يملون، ولا يقولون أضعنا أهلنا، أو هجرنا بلادنا.. لأن الدافع قوي وهو تحصيل العلم النافع، فهكذا يكون طالب العلم.
سادسا: التكرار، أي تكرار ما علمه وذلك لأنه إذا تعلم فائدة ثم تغافل عنها ذهبت من ذاكرته ونسيها بسرعة، وأما إذا تذكرها مرة بعد مرة، قرأ الحديث وبعد حفظه راجعه بعد شهر وبعد أشهر حتى يرسخ ويثبت في ذاكرته فإنه يكون من حملة العلم وحفظته.
لذلك كان السلف يوصون بمذاكرة العلم، يقول بعضهم: مذاكرة ليلة أحب إلي من إحيائها. يعني كوني أجلس في هذه الليلة أتذكر العلم وأتذكر ما حفظته أحب إلي من أن أقومها قراءة وتهجدا وصلاة وركوعا وسجودا، وذلك لأن هذا - أي مذاكرة العلم - نفع متعد.
سابعا: كتابة ما استفاده، فكلما استفاد فائدة أثبتها معه في دفتر أو ورقة وكررها إلى أن يحفظها. يقول العلماء: " إن ما حفظ فر وما كتب قر "، أي أن ما كتبته ستجده فيما بعد.. ويشبهون العلم بالصيد، فيقول بعضهم:
العلم صيد والكتابة قيده ******** قيد صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة ****** وتتركها بين الخلائق طالقة
إذا صاد الإنسان غزالة ثم أطلقها فإنها تهرب، بخلاف ما إذا قيدها بحبل وثيق، فهكذا الكتابة تثبت هذه العلوم بحيث أنك تجدها فيما بعد ويصل عليها.
وقد يسر الله أيضا في هذه الأزمنة التسجيلات التي تحفظ الكلام الذي أنت تريد حفظه لتراجعه فيما بعد وتستفيد منه بعد يوم أو بعد أيام أو ما أشبه ذلك.