وقد حكى بعض الإخوان أن منهم من يريد السفر على الطائرة أو الحافلة فيعينها، فتتوقف حتى يتفرغ فيأتي ويتكلم بما يبطل ما بها فتصلح مع بذل العمال ما يستطيعون في إصلاحها، والحكايات عن أهل العين كثيرة مشهورة.
ومع ذلك قد أنكرها بعض المشايخ الكبار بسبب أنهم لا يعلمون لها سبباً مباشراً، وذلك لجهلهم بتأثير الأرواح وما تختلف به عن الأجساد، كما أشار إلى ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى في البدائع وغيره.
مراتب الحسد
ذكر ابن سليمان في الموارد أنها خمس:
المرتبة الأولى: أن يتمنى زوال النعمة عن الغير، ويسعى في الوسائل المحرمة لإزالتها بكل ما يستطيع، وهي الغاية في الخبث والنذالة، وهما الغالب في الحساد، خصوصاً المتزاحمين في صفة واحدة، كالتجار والعمال، وأهل الوظائف الحكومية، فمتى ربح أخوه ربحاً كثيراً أو حصل له لذة مما يتمناه، أو حصل على عمل أو منصب أرفع من غيره، فإن الحاسد يعمل في الإساءة إليه، ويسعى في حرمانه، ويلصق به العيوب، ويولد عليه الأكاذيب، ليزيحه عن ذلك العمل، وينصب نفسه مكانه.
المرتبة الثانية: أن يتمنى زوال تلك النعمة، ويحب ذلك، وإن كان لا يريدها لنفسه، ولا يطمع فيها، لكن من باب الحقد على أخيه والبغض له.
المرتبة الثالثة: أن يجد من نفسه الرغبة في زوال النعمة عن المحسود، سواء انتقلت إليه أو إلى غيره، ولكنه لا يعمل شيئاً في إزالتها إلا أنه في جهاد مع نفسه، وكفها عما يؤذي أخاه، خوفاً من الله تعالى، وكراهة لظلم عباد الله، فهذا قد كفي شر غائلة الحسد، ودفع عن نفسه العقوبة الأخروية، ولكن ينبغي له أن يعالج نفسه عن هذا الوباء الذي هو بغض النعمة، ومحبة زوالها عن أخيه المسلم.