وقد يكون قصده قصداً مناسباً، وقد يكون قصده تكثير مشايخه، كما ذكروا ذلك عن الطبراني صاحب المعاجم التي رتبها على مشايخه، ليعرف بذلك كثرة مشايخه الذين حدَّث عنهم، فهو يروي عن شيخه الذي اسمه أحمد حديثاً أو أكثر ثم عن شيخ له آخر اسمه أحمد بن فلان حديثاً أو أكثر إلى أن يكمل من اسمهم أحمد، وقد يذكر أحدهم باسميه مثلاً، أوله كنية فيذكره مع الأسماء ومع الكنى، حتى يُقال: إنه حدَّث عن ألف شيخ، أو عن خمسة آلاف أو ما أشبه ذلك. فإذا لم يتميز ولم يُعرف يكون هذا الشيخ مجهولاً فيرد حديثه وترد روايته.

فإن قيل: ما حكم القراءة من كتاب بصيغة: روى الترمذي. ويُذكر الحديث بدون إسناد، هل هذا تدليس؟

قلنا: إذا قال: رواه الترمذي، فقد عزاه إلى من أسنده فصاحب (رياض الصالحين) يقول: رواه الترمذي ولا يُقال هذا تدليس.

ضابط التدليس:

إذاً ما ضابط التدليس؟ لو وصل إليك حديث بالإسناد، بينك وبين الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً ثلاثون راوياً، يعني سمعت هذا الحديث عن شيخك فلان وسمعه شيخك عن شيخه فلان، إلى أن وصل إلى الصحابي وبينك وبينه ثلاثون راوياً ترويه بالأسانيد، فأنت إذا أسقطت شيخك الذي سمعته منه، ورويته عن شيخ قد لقيته، ولكن ما سمعت منه هذا الحديث فقد صرت مُدّلساً لهذا الحديث تدلس الإسناد، فإذا لم تسقط شيخك الأول ولكن أسقطت شيخ أحد المشايخ الذين فوقك وقد لقيه ذلك الشيخ لكنه هنا رُوي بواسطة فأسقطت الواسطة فإن هذا تدليس تسوية، فأما روايتك من كتاب قد دُوِّن وطبُع واشتهر فإنه يجوز لك أن تعزو إليه وتسقط الإسناد.

والمدلس لا يلزم إطراح كل رواياته، بل إذا تحققنا أن هذا الحديث ثابت من طرق أخرى اعتبرنا روايته له كشاهد ومقوِّ، أما إذا تفرد بالحديث فإنه لا يقبل.

الفرق بين التدليس والمرسل الخفي:

فإن قيل: ما الفرق بين التدليس والمرسل الخفي؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015