بل دون رجال الصحيح في الشهرة.
وقد عرفنا أن رجال الحسن يشملهم العدالة والضبط، إلا أن ضبطهم أقل من ضبط رجال الصحيح، وهذا هو الفرق بين الحديث الحسن والحديث الصحيح.
معنى قولهم: حسن صحيح:
واستشكلوا الجمع بين الحسن والصحيح، كما يفعله الترمذي في قوله: هذا (حديث حسن صحيح) ، فما الجواب؟ فإن كونه صحيحاً يغني عن كونه حسناً؛ لأن الحسن أنزل من درجة الصحيح، فكيف يكون حسناً صحيحاً؟ لماذا لم يكتف بصحيح؟ أو لم يكتفِ بحسن، إن كان أنزل درجة من الصحيح؟ ولم يستعمل هذا غالباً إلا الترمذي، ولكن يظهر أن الترمذي لم يلتزم هذا الاصطلاح، وهو أن الصحيح رجاله هم الموثقون الحفاظ، والحسن رجاله هم الذين دون أولئك في الضبط، إنما أراد بقول: حسن صحيح. الوصف له بما يقتضي الصحة والعدالة والقبول، فيقول: حديث حسن صحيح، يعني أنه حسن من حيث مخرجه، وصحيح من حيث أصله، كأنه يصفه بما يؤكد قبوله، هذا هو المتبادر من فعل الترمذي.
أما إذا قال: حديث حسن. فإنه كما ذكر أن الحسن هو ما عرف مخرجه واشتهرت رجاله، وروي له طريقان أو أكثر.
أقسام الحديث الحسن:
ثم يقسّمون الحسن أيضاً إلى قسمين: حسنٌ لذاته، وحسنٌ لغيره، كما أن الصحيح ينقسم إلى قسمين: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، والحسن لذاته هو: الذي له طريق واحد، ولكن رجاله موثقون، ثم قد يكون الحسن صحيحاً وذلك إذا تعددت طرق روايته، أي: روي عن طريقين أو أكثر، ولكن كل منهما رجاله كرجال الحسن، فيكون هذا الطريق حسناً لذاته، وهذا الطريق الثالث حسناً لذاته، وهذا الطريق حسن لذاته والمدار على الصحابي في الحديث الواحد، فنقول هذا هو الصحيح ولكن لا لذاته بل بالمجموع، ويسمى الصحيح لغيره، يعني أنه صحيح لشواهده ولكثرة طرقه، فإن كثرة الطرق تقويه، وتنقله من قوي إلى أقوى.