أيها الإخوة، إن الأشرار ولو اعترفوا بأنهم على الشر، فإنهم يتمنون أن يكون الناس مثلهم حتى لا ينفردوا بالشر وحدهم، فصاحب الدخان لا يعترف بأنه على باطل، ولذلك تجده يزين لكل من رآه ولكل من جالسه أنه على حق، وأن هذا الدخان لا مانع منه، ولا بأس به، حتى يوقع فيه هذا وذاك، فإن شربوه مرة واثنين وتعودوا عليه، صعب عليهم بعد ذلك التخلص منه. ثم تجدهم يعيبون من ترك الدخان ويقولون إنه بخيل متزمت ومتشدد ونحو ذلك من الألفاظ.
وهكذا فإن هؤلاء المفسدين الأشرار يعيبون أهل الدين ويعيبون أهل الصلاة وأهل ترك المحرمات بهذه العيوب التي يلصقونها بهم.
وهذه سنة الله تعالى أن كل عاص يدعو إلى معصيته، ولو اعترف بأنه على باطل، ولكن لابد إذا كان متمكناً في هذه المعصية أن يزين حالته ويبين للناس أنه ليس على باطل حتى يفعلوا مثل ما فعل.
فعلى المسلم أن يجتنب أهل السوء ومجالسهم فإنه لا يسلم إلا إذا اجتنبهم وابتعد عنهم. أما من كان معه قدرة على مقاومتهم، وإقناعهم ونصحهم، والرد عليهم وإبطال شبهاتهم، فإنه واجب عليه أن يفعل ذلك، ولا بأس أن يجالسهم في هذه الحالة حتى يرد عليهم، فإذا رأى أنهم تمادوا واستمروا في غيهم ولم تؤثر فيهم كلماته ومواعظه ونصحه فالنجاة النجاة، والبعد البعد، فهو أولى وأسلم.
أيها الإخوة، هذه توجيهات في السلامة من هذه المحرمات، وهي على سبيل المثال. وأسباب التحصن والحماية كثيرة وفي الإشارة كفاية، واللبيب تكفيه الإشارة، والإنسان الذي معه فكر وعقل يعلم كيف الطريق إلى السلامة من بقية المحرمات لاجتنابها والحذر من مقاربتها.
نسأل الله تعالى أن يحمي المسلمين من المعاصي ما ظهر منها وما بطن، وأن يبصرهم بأنفسهم حتى يجتنبوها، وأن يحمي مجتمعات المسلمين من العصاة والمفسدين.