ومن الأدلة أيضاً ما حكاه الله تعالى عن المنافقين بأنهم يلمزون أهل الخير، فقال تعالى: ((الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم)) . (سورة التوبة، الآية: 79) .
ويلمزونهم أي: يعيبونهم، وما أكثر الذين يلمزون المطوعين ويعيبونهم! فيعيبونهم مثلاً بالصلاة، ويعيبونهم برفع الثياب وتقصيرها، ويعيبونهم بإرخاء اللحى وإعفائها، ويعيبونهم بترك شرب الدخان والخمور، وما أشبهها!
وتلك شكات ذاهب عنك عارها، فالعبادات المذكورة لا عيب فيها، وليس عليك عيب إذا عابك مثل هؤلاء وتنقصوك، وإنما العيب في الذي يعيبك بتمسكك فهو أولى بأن يكون معيباً ذميماً.
ولقد ذم الله أولئك الذين يستهزئون بالمؤمنين ويلمزونهم، وسماهم مجرمين، قال تعالى، ((إن الذين أجرموا كانوا من الذين ءامنوا يضحكون)) . (سورة المطففين، الآية: 29) . والذين آمنوا يراد بهم الذين حققوا الإيمان وعملوا الصالحات، وتركوا المحرمات. فالمجرمون يضحكون منهم ويستهزئون بهم قال تعالى: ((وإذا مروا بهم يتغامزون)) . (سورة المطففين، الآية: 30) . وقال: ((وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون (32) وما أرسلوا عليهم حافظين)) . (سورة المطففين، الآيتان: 32، 33) .
هكذا تكون حالهم في الدنيا، أما في الآخرة فإن المؤمنين يضحكون منهم عندما يرونهم هم الخاسرين.
ولا شك أن الاستهزاء والسخرية بأهل الخير هو الكمال الحقيقي بأهل الخير، ذلك أنهم أهل الطاعة وأهل الاستقامة، أما أولئك فهم أهل الضلال والخسران فبماذا يمتدحون؟
أيمتدحون بشربهم الخمور؟!
أم يمتدحون بسماع الأغاني؟!
أم يمتدحون بحلق اللحى وإعفاء الشوارب؟!
أم يمتدحون بترك الصلوات أو التكاسل عنها؟!
أم يمتدحون بالغيبة والنميمة والبهتان؟! أم.. أم.. أم.. الخ.