ومن حكمة الله تعالى كما حف النار بالشهوات أن مكن للعصاة وأمهلهم وعجل لهم طيباتهم في الحياة الدنيا، وأعطاهم من زهرتها وزينتها، فاعتقد الغوغاء والعامة أنهم من ذوي الحظ العظيم، وأن إكرامهم في الدنيا دليل فضلهم وأقدميتهم رغم ما يجاهرون به من المعاصي، وما يفرطون فيه من الطاعات، فسار الأكثرون خلفهم، وأمعنوا في تقليدهم مما كان سبباً في ظهور المعاصي والمجاهرة بفعل المحرمات بدون خجل ولا مبالاة، فظهر التبرج والسفور ووسائل الزنا والفواحش، وكثرت بيوت الدعارة والفساد وشربت الخمور، وأعلن شرب الدخان وتعاطي المخدرات، وتفنن الكثير في السرقة والاختلاس وانتهاب الأموال وأكلها بغير حق، وكثر التعامل بالربا والغش والمخادعة والرشوة والاختيال على تحصيل المال بأنواع الحيل، وتهاون الكثيرون بالصلاة والصوم والأعمال الصالحة، فكان لزاماً على أهل العلم أن يبينوا للناس خطر ما وقعوا فيه، وأن يحذروهم عاقبة التهاون بالمحرمات.
وكنت قد ألقيت محاضرة حول بعض المعاصي المتفشية في هذه البلاد خاصة. وسجلها بعض الإخوان ثم أفرغها الأخ علي بن حسين أبو لوز وعرضها علي فصححتها، وقد أضاف إليها بعض التعديلات، وأذنت بنشرها على ما فيها من ضعف التركيب وعدم التنسيق الذي اقتضاه الارتجال، وأرجوا من الإخوان أن ينبهونا على ما فيها من خلل وخطأ فالمؤمن مرآة أخيه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: