أن يقال: يعتقد هذا الكاتب وأمثاله أن اشتقاق اسم الصوفية من الصفاء، أي: صفاء القلوب، أو من الصفوة، أي: أنهم صفوة خلق الله، أي: خيرتهم وأفضلهم، وهذا خطأ؛ فإن الصوفية إنما وجدوا في أثناء القرن الثاني واشتهروا بالزهد والتقشف، ولبسوا الصوف المنسوج من صوف الضأن لخشونته، قال الشيخ تقي الدين في الفتاوى (11/28) : وكذلك في المائة الثانية صاروا يعبِّرون عن ذلك بلفظ الصوفي؛ لأن لبس الصوف يكثر في الزهاد، ومن قال: إن الصوفي نسبة إلى الصفة، أو إلى الصفا، فهي أقوال ضعيفة.. الخ. وقال أيضاً (11/195) : واسم الصوفية هو نسبة إلى لباس الصوف، هذا هو الصحيح. وقد قيل: إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء، وقيل: إلى أهل الصفة، وقيل: إلى الصفا، وقيل: إلى الصفوة، وقيل: إلى الصف المقدم بين يدي الله تعالى، وهذه أقوال ضعيفة، فإنه لو كان كذلك لقيل: صَفِيّ، أو صفائي، أو صفوي، ولم يقل صوفي اهـ.

وهذا الكاتب جعل الصوفية هم صفوة الله من خلقه، فأما أن يقصد سبب التسمية، أو يقصد الميزة والفضيلة، فقد عرفت أن اشتقاق التسمية من الصوف لا من الصفوة، وعرفت مما قدمناه أن الصوفية الأقدمين كانوا من صفوة عباد الله في ذلك الزمان؛ لكن ليسوا أفضل من أنبياء الله ورسله، ولا من الصحابة والسابقين الأولين، فإطلاق الكاتب بأنهم صفوة الله من خلقه، خطأ؛ فإنه يلزم منه تفضيلهم على ملائكة الله ورسله، وعلى أكابر الصحابة والخلفاء الراشدين، والسابقين إلى الإسلام، وعلى أئمة المسلمين وعلمائهم، الذين لم يلبسوا الصوف، ولم ينتسبوا إلى الصوفية، ولا شك أن مراد الكاتب بهم صوفية هذا الزمان، ومن سبقهم من أئمتهم كابن عربي، وابن سبعين، والحلاج، ونحوهم ممن انتحلوا مذهب الاتحاد، الذي هو كفر صريح، وخروج عن عقيدة الأبنياء وأتباعهم، فهؤلاء ليسوا من الإسلام في شيء؛ فضلاً عن أن يكونوا صفوة الله من خلقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015