فأما التوسل بذواتهم وأشخاصهم أو بحقهم وجاههم؛ فقد عرفتَ أنه منكر من القول وزور، وأنه من وسائل تعظيمهم ورفع ذواتهم إلى ما لا يستحقه إلا الله، فيكون شركاً أو من وسائل الشرك، والله: ((لا يغفر أن يشرك به)) (النساء:116) . بل قد توعد على الشرك بأعظم الوعيد، فكيف يحب أهله أو يثيبهم؟! ولكن أكثرهم يجهلون.
سابعاً: حديث التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم كذب وزور:
ثم قال الكاتب في السطر الحادي والعشرين من الصفحة الثالثة: [قال صلى الله عليه وسلم: "توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم"] .
أقول:
هكذا أهل الجهالة والضلالة يتعلَّقون بما هو أوهى من بيت العنكبوت، فنحن نطالبهم بإثبات هذا المقال كحديث مرفوع، حتى يتم الاستدلال به، فإنه حديث لا أصل له أبداً.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (1/319) : وروى بعض الجهال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا سألتم الله فسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم". وهذا الحديث كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث، ولا ذكره أحد من أهل العلم بالحديث، مع أن جاهه عند الله تعالى أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين.
فإذا كان موسى وعيسى وجيهين عند الله عز وجل، فكيف بسيد ولد آدم صاحب المقام المحمود؟! الذي يغبطه به الأولون والآخرون! وصاحب الكوثر والحوض المورود! وهو صاحب الشفاعة يوم القيامة! وهو صاحب اللواء، آدم ومن دونه تحت لوائه! ولكن جاه المخلوق عند الخالق تعالى ليس كجاه المخلوق عند المخلوق، فإنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، والمخلوق يشفع عند المخلوق بغير إذنه، فهو شريك له في حصول المطلوب، والله تعالى لا شريك له.. الخ.