وقد أطال العلماء في ذكر هذا الركن الذي هو من الإيمان بالغيب، وأوردوا فيه الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأقروها وتكلم عليها العلماء المتقدمون والمتأخرون.

وممن اشتهر بتتبع الأخبار في ذلك من المتقدمين: ابن أبي الدنيا، وله كتب كثيرة مطبوعة في هذا، لكن أكبر كتبه كتاب (القبور) ، وكتاب (من عاش بعد الموت) ، ثم كتب بعد ذلك ابن القيم كتاب (الروح) وتكلم فيه عن عذاب القبر، وأطال فيه إلى أن ذكر قصصاً وذكر أحكاماً وأحاديث، وذكر فصولاً منوعة، وتكلم عليه أيضاً تلميذه ابن رجب في كتابه الذي سماه (أهوال القبور في أحوال أهلها إلى النشور) وغيرهم، وهكذا في كتب الزهد وكتب المواعظ؛ يذكرون عذاب القبر ونعيمه.

والخلاصة أنه ورد في الأحاديث أن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، وأنه يضيق على صاحبه -إن كان شقياً- حتى تختلف فيه أضلاعه، أو يوسع عليه -إن كان سعيداً- حتى يكون مد بصره، وأنه يأتيه الملكان فيه، فإن كان سعيداً بشراه بخير، ويسألانه: من ربك، ومن نبيك، وما دينك؟ فيجيبهم، وإن كان شقياً لا يجيبهم بل يقول: هاه هاه، لا أدري. وأنهما يضربان الشقي ضربة بمرزبة من حديد لو ضرب بها جبلٌ لصار تراباً، وأنه يصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلان، ولو سمعها الإنسان لصعق.

وأنه يأتيه رجل -إن كان سعيداً- طيب الريح طيب الثياب فيقول: أبشر باليوم الذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت فوجهك الذي يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح. فيقول: رب أقم الساعة، وأنه يفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها وريحانها، ونحو ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تبلغ حد التواتر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015