فإذا عرفنا هذه الصفات التي وردت في هذه الأحاديث وفي هذه الآيات وهي كثيرة؛ فموقف أهل السنة منها أنهم يقولون: آمنا بها كما جاءت، نقرها ونمرها، ونثبت حقيقتها ولا نرد شيئاً منها، ولا نتكلف فيها، ولا نقول فيها: إنها صفة نقص، والرب ينزه عنها؛ ولا نقول: إنها تستلزم أنه يتجدد لله شيء، أو ما أشبه ذلك كما يقول هذا الكثير من النفاة وأهل الاعتزال ونحوهم الذين إذا ذكرت لهم هذه الصفات يقولون: إن هذا يستلزم حلول الحوادث بذات الله، وحلول الحوادث ممتنع -تعالى الله أن تحل به الحوادث- وليس في هذا شيء من الحوادث بل الله يفعل ما يشاء، ويضحك إذا شاء، ويرضى إذا شاء، ويغضب إذا شاء، دون أن يكون في شيء من ذلك نقص، أو نسبة نقص إلى الله سبحانه وتعالى.
وقوله:
فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدِّلت رواته، نؤمن به، ولا نرده ولا نجحده، ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره، ولا نشبهه بصفات المخلوقين ولا بسمات المحدثين، ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (الشورى:11) ، وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال؛ فإن الله تعالى بخلافه.
شرح:
لما ذكر الأحاديث التي في الصفات والآيات، أخبر بأن هذا ونحوه دلت عليه النصوص التي هي ثابتة يقيناً من الأحاديث الصحيحة -كحديث النزول ونحوه- ومن الآيات، فهذه النصوص نؤمن بها ونتقبلها، ونشهد بصحتها، ونثبتها صفات لله تعالى يقينية حقيقية، ولكن لا نكيفها، ولا نمثلها بصفات المخلوقين، بل ننزه الرب تعالى عن سمات المخلوقين وعن صفات المحدثين.
والصفات والسمات متقاربة. فالصفة هي ما يمكن أن ينعت به المنعوت، ولذلك يقولون في النعت إنه صفة. وأما السمة فهي العلامة -اشتقاقاً من الوسم في الدابة-، ويقال: وسمت الدابة سمة، فالسمات هي العلامات، فالله ينزه عن صفات المخلوقين وعن سمات المحدثين.