وقد ذكر الله الغضب في عدة آيات كقوله تعالى: (والخامسة أن غضب الله عليها) (النور:9) ، وكقوله تعالى: (وغضب الله عليه ولعنه (النساء:93) ، وكقوله تعالى: (وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً) (الفتح:6) ، وفي حديث الشفاعة (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) فأثبت أن هذا غضب متجدد، وأنه لا يكون بعد هذا اليوم مثله، ودل على أن الغضب صفة فعل يغضب على من يشاء، ويرضى عمن يشاء.

فعلى هذا، فالصفتان، لا يمكن أن يرضى ويغضب في حالة واحدة على شخص واحد، ولا يقال هذا رضي الله عنه وغضب عليه في حالة واحدة، بل رضي عن هذا وغضب على هذا.

فالرضا والغضب صفتا فعل، وهذه الصفات التي ذكرت في هذه الآيات كلها من صفات الفعل كقوله تعالى: (كره الله انبعاثهم) (التوبة:46) ، (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه) (محمد:28) حيث أثبت لنفسه صفة السخط وصفة الكراهة، وكقوله تعالى: (باء بسخط من الله) (آل عمران: 162) .

والآيات التي فيها صفات الفعل كثيرة مثل قوله تعالى: (يخادعون الله وهو خادعهم)) النساء:142) ، فيها صفة المخادعة، قال تعالى: (الله يستهزئ بهم) (البقرة:15) ، فيها صفة الاستهزاء، قال تعالى: (فلما آسفونا) (الزخرف:55) ، فيها صفة الأسف، قال تعالى: (ومكروا ومكر الله) (آل عمران:54) ، (إنهم يكيدون كيداً * وأكيد كيداً) (الطارق:15-16) صفتا المكر والكيد، وأشباهها، كل هذه صفات فعل نثبتها لله كما يشاء، ونقول: إنه يسخط على من يشاء، ويرضى عمن يشاء.

ومثلها أيضاً صفات المحبة، قال تعالى: (يحبهم ويحبونه) (المائدة:54) ، وصفات الرحمة في آيات كثيرة، ومنها اشتق اسم الرحمن، ووصف نفسه بالرحمة، قال تعالى: (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً) (غافر:7) ، (ورحمتي وسعت كل شيء) (الأعراف:156) ، (إن رحمت الله قريب من المحسنين) (الأعراف:56) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015