هذه القصة مشهورة في كتب السنة: توجد فيها بطرق كثيرة، وبألفاظ كثيرة كما في كتاب الشريعة (للآجري) وغيره، وفي ترجمة الإمام أحمد (لابن الجوزي) ، وفي غيره من كتب أهل السنة. هذا الإمام سماه بعضهم محمد بن عبد الرحمن، وبعضهم سماه عبد الله بن محمد، عالم من علماء الأمة.

ذكروا أنه لما أحضر إلى الخليفة، والخليفة في زمنهم هو الواثق، قال له: ناظر أبا عبد الله يريد المبتدع الخبيث الذي يقال له: أحمد بن أبي دؤاد، وكان هو الذي زين للخلفاء أن يفتنوا العلماء، وأن يلزموهم بهذه البدعة التي هي القول بخلق القرآن، فقال هذا العالم -رحمه الله-: إنه ليس أهلاً أن يناظرني ولا أن أناظره؛ فغضب الخليفة، وقال: أبو عبد الله ليس كفؤاً وليس أهلاً؟ فطمأنه، وقال: مهلاً سوف يظهر الحق ويتبين عند المناظرة، أناظره تمشياً على رغبتك. وقد رويت القصة بألفاظ مطولة، كما في كتاب الشريعة.

وذكروا أنه جيء به موثقاً إلا أنه أصرَّ أن يعلن أن القرآن كلام الله غير مخلوق، فلما أحضر عند الخليفة وبدأ في المناظرة، أتى بما ملخصه أن قال له: هذه البدعة، أو هذه المقالة التي تقول بها أنت، هل علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي؛ خلفاء الأمة، الخلفاء الراشدون، خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، الذين زكاهم وشهد لهم بالهداية؛ هل علموها أو لم يعلموها؟

فقال أولاً: ما علموها. فتعجب وقال: كيف تعلمها أنت؟ ولم يعلمها الصحابة والخلفاء الراشدون؟، ولم يعلمها الرسول صلى الله عليه وسلم وعلمتها أنت؟ هل نزل عليك وحي؟ هل أنت رسول من الله تعالى؟ ما الدليل على رسالتك؟ ما هو الوحي الذي نزل عليك حتى تكون أنت أعلم من الرسول، وأعلم من الخلفاء؟ فتحير ابن أبي دؤاد، ولم يجد بداً من أن يقول: بل علموها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015