درجوا عليه يعني ساروا على هذا، والمراد أنهم على طريقة السلف التي هي تقبل النصوص، والعمل بها، واعتقادها، والإقرار بها، وإمرارها كما جاءت بقولهم: (أمروها كما جاءت) ، وإثبات دلالتها، وإثبات معانيها دون أن يصرفوا شيئاً من مدلولها عن ظاهره، ودون أن يحرفوا شيئاً منها، أو يشتغلوا بتحريفه أو بتأويله، أو يردوه (هكذا طريقتهم) ومراده بسلف الأمة أهل القرون الثلاثة المفضلة؛ الصحابة والتابعون وتابعوهم، هؤلاء هم سلف الأمة درجوا على ذلك، والآثار عنهم في ذلك كثيرة.

وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية في الحموية كثيراً من الآثار عنهم، ولكنها قليلة بالنسبة إلى ما نقله غيره، ومن أراد أن يعرف أقوالهم فليقرأ كتب أهل السنة ككتاب (الشريعة) للآجري، وكتاب (السنة) للخلاّل، وكتاب (السنة) لابن أبي عاصم، و (شرح أصول أهل السنة) للالكائي، وكذلك كتب المتقدمين كالسنة لعبد الله بن الإمام أحمد، ففيها كثير من أقوال هؤلاء الذين أجملهم ابن قدامة.

يقول: (درجوا) يعني ساروا، ونهجو على طريقة هذين الإمامين الإمام أحمد، والإمام الشافعي - واقتصر عليهما، لكن الإمام مالكاً أيضاً مشهور أنه سئل عن آية الاستواء فقال: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول.. إلى آخره) ، والإمام أبو حنيفة مشهور ما ذكره في كتابه الذي هو (الفقه الأكبر) الذي جُمع من كلامه، وقد نقل عنه شيخ الإسلام في الحموية، ومع أنه موجود لكن مع الأسف فالذين تولوا شرحه أضافوا إليه إضافة أفسدوا بها مقصده.

فهؤلاء هم الأئمة الأربعة المقتدى بهم، وغيرهم من الأئمة الذين في زمانهم هم أيضاً على طريقتهم، فطريقة أهل السنة متفقة مع أئمتهم، وليس للأئمة قول يخرجون به عن قول أهل السنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015