قسم الله تعالى الآيات في أول سورة آل عمران إلى محكمات ومتشابهات، فأخبر بأن أهل الزيغ يتبعون المتشابه، وأن الراسخين يقبلون الجميع: يقبلون المتشابه ويقبلون المحكم، ويقولون: آمنا بالجميع، كل من عند ربنا، ويدعون الله فيقولون: (ربنا لا تزغ قلوبنا) (آل عمران:8) أي لا تجعلنا مثل الذين في قلوبهم زيغ -يعني ميل وانحراف- فنضل عن سبيلك. دعوا الله دعوة صادقة وهم على صواب وعلى حق.

فطريقتهم أنهم يقولون: نؤمن بالمحكم ونعمل به، ونؤمن بالمتشابه ونقبله، ولكن لا نتقعر في معناه ولا نرده ولا نتأوله، ولا نحمله على ما نفهمه من صفات المخلوقين فنكون ممثلين، ولا نتكلف في رده وإبطاله فنلحق بالمعطلين.

مسألة: التأويل المذموم

قوله:

وقال في ذم مبتغي التأويل لمتشابه تنزيله: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله) (آل عمران:7) .

شرح:

هذا ذم لهذه الطائفة الذين هم الزائغون؛ والزيغ هو الميل والانحراف، ويكون في القلب وهو أشده، قال تعالى (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين) (الصف:5) يعني أنهم فعلوا أفعالاً صاروا بها زائغين، يعني مائلين عن الحق؛ فعاقبهم الله تعالى بان أزاغ قلوبهم، والجزاء من جنس العمل.

فهؤلاء الزائغون الذين في قلوبهم زيغ أي ميل عن الحق وانحراف عنه؛ ذمهم الله تعالى: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) (آل عمران:7) يتبعون المتشابه معناه: أنهم إذا وجدوا المتشابه إما أن يطعنوا به في الشريعة ويقولوا: هذه الشريعة تجمع بين الحق والباطل، فيأخذون المتشابه ويجعلونه طعناً في الدين، وإما أنهم يجعلونه عقيدة لهم ولو كان دالاً على التعطيل، أو دالاً على التمثيل، وهذه طريقة زائغة منحرفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015