وإذا قرأت القرآن تجد أن الله تعالى يختم آية الرحمة باسم الرحيم، ويختم آية النقمة باسم العزيز، أو ما أشبه ذلك؛ مما يدل على أن معانيها مقصودة، هذا ما يدين به المسلمون.
قوله:
(الرحمن على العرش استوى * له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى * وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى) (طه:5-7) .
شرح:
هذه الآيات من سورة طه دالة على صفات: الأولى على اسم الرحمن، وأنه على العرش استوى استواء يليق به، (ونؤجل الكلام على الاستواء حتى تأتينا الآيات التي فيها ذكر الصفات ومن جملتها هذه الآية) .
(له ما في السموات وما في الأرض) (طه:6) هذه أيضاً من صفات الكمال (له ما في السموات) (طه:6) ملكاً وخلقاً وعبيداً إذا قلت: لماذا عبر بـ (ما) التي لغير العاقل (له ما في السموات) مع أنه ورد في آيات (له من في السموات) (الحج:18) .
فالجواب أن (ما) قد تأتي للعاقل كقوله تعالى: (والسماء وما بناها) (الشمس:5) ، أو أنه عبر بـ (ما) نظراً للكثرة، فإن ما في السماوات وما في الأرض يدخل فيه الدواب والحيوانات، ودواب البحر، ودواب البر، والطيور والوحوش، وجميع المخلوقات، ويدخل فيه النباتات مع اختلافها، ويدخل فيه الجمادات: الجبال والأودية، والدور والقصور والأشجار، وما أشبه ذلك؛ فلذلك قال تعالى: (له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما) (طه:6) أي ما بين السماء والأرض من المخلوقات وما بين السماوات من المخلوقات كل ذلك له. ومعنى كونها له، أي ملك له، وهو الذي خلقها وأوجدها، وهو الذي يفنيها إذا شاء، ويغيرها ويبدل فيها ما يشاء؛ ويتصرف فيها كما يشاء، يمنع ويعطي، يريش ويبري، يميت ويحيى، يخفض ويرفع، يصل ويقطع، يتصرف فيها فهي إذاً له؛ أي ملكه.