وهذه العقائد -من عقائد الأشاعرة- مطبوعة في مجموع المتون، ولها شروح مشهورة، هذه العقائد اعتقدوها، وألفوا فيها، واشتهرت بينهم وبين تلامذتهم، ومن كان منهم من أهل الحديث ألف في العقيدة، ولكن لا يجرؤ أن يصرح بمذهب السلف، ويفصح بما عليه الأئمة، ومن أقربهم وأحسنهم الطحاوي صاحب العقيدة المشهورة، وكان شافعياً ثم تحول حنفياً وتعصب للمذهب الحنفي، وألف (العقيدة الطحاوية) ، وذكر فهيا بعض العبارات المنكرة التي اشتهرت في زمانه عن المتكلمين، مثل قوله: إن الله منزه عن الحدود والغايات، والأبعاض، والأعراض، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات.
والشارح رحمه الله الذي شرحها (ابن أبي العز) كان من أهل السنة، ولكن شرحها كثير من الأشاعرة وسلكوا فيها مسلك المعتزلة أو مسلك الأشاعرة، وحمَّلوها ما لا تطيق، وصرفوا مدلولاتها.
وهكذا الرسالة التي كتبت عن الإمام أبي حنيفة، يمكن أنه أملى بعضها، وأخذها بعض تلامذته وتسمى (الفقه الأكبر) ، نقل منها شيخ الإسلام بعض النقول في الحموية، وكذلك ابن أبي العز في شرح الطحاوية.
ولكن يظهر أنه قد دخلها التغيير من بعض المتأخرين الذين انحرفوا في بعض الاعتقاد؛ فأدخلوا فيها كثيراً من التأويلات، وشرحها كثير ممن هو على مذهب الأشاعرة أو مذهب منكري الصفات، وأنكروا ما كان عليه السلف رحمهم الله، ولا شك أن سبب ذلك كثرة ما تلقوه عن مشايخهم الذين كانوا على هذا المذهب الذي هو تأويل وتحريف الصفات وما أشبهها.