فمن ذلك عقيدة الباطنية، الذين يجعلون للأعمال باطناً غير ظاهرها. فللعبادات وللعقائد عندهم باطن، ويعتقدون أن الشرع يريد أشياء غير هذه الظواهر. وهذه العقيدة الباطنية من أكفر الكفر وأضل الضلال لأنهم يخالفون الشرع في تعاليمه وفي اعتقاداته. وقد بقي على معتقدهم كثير من الفئات التي لا تزال موجودة إلى اليوم، يدينون بتلك العقيدة السيئة، كعقيدة الدروز الذين يوجدون في كثير من البلاد العربية المجاورة، وعقيدة النصيرية الذين يدينون بهذه العقيدة الباطنية. فمثل هؤلاء ولو تسموا بأنهم مسلمون، فإنهم ليسوا حقاً من المسلمين المطبقين لشعائر الإسلام، ولأجل ذلك نقول إن الإسلام الحقيقي هو الاعتراف بالله إلهاً ورباً وخالقاً، والديانة له بالعبادة، كما فسره الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، حيث يقول: "الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك، وأهله". فبين رحمه الله أن المسلم حقاً هو المذعن المنقاد المتذلل الذي متى علم أن هذه الخصلة من الإسلام أذعن لها واتبعها ولم يتخلف عنها. ومتى علم أن الإسلام حرم أو نهى عن هذه الخصلة ابتعد عنها وأذعن لله تعالى بتركها، هذا حقاً هو المسلم.
ونحمد الله أن حفظ علينا شعائر ديننا. فجميع المحرمات أدلتها موجودة في الشريعة، في الكتاب والسنة، وجميع الواجبات والعبادات المشروعة أدلتها موجودة أيضاً في الكتاب والسنة، فلسنا بحاجة إلى تحكيم العقول، ولا إلى أن نزن بأهوائنا ما يرفع إلينا وما يسوغه لنا أولئك الأعداء الذين يجعلون أهواءهم هي الميزان الحق فما وافق أهواءهم اتبعوه وشرعوه.